الثلاثاء، 3 مارس 2015

جزء ثانى من ص 200 / 249

ص -200-      ابن عباس قال: حدثني رجل من بني غِفار، قال: أقبلتُ أنا وابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يُشرف بنا على بدر، ونحن مُشركان، ننتظر الوقعة على من تكون الدَّبْرة1، فننتهب مع من ينتهب. قال: فبينا نحن في الجبل إذ دنت منا سحابة، فسمعنا فيها حَمْحَمة الخيل، فسمعت قائلًا يقول: أقدْم حَيْزومُ2 فأما ابن عمي فانكشف قناعُ قلبه، فمات مكانَه، وأما أنا فكِدْت أهلِك، ثم تماسكت.
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر، عن بعض بني ساعدة، عن أبي أسَيد مالك بن ربيعة، وكان شهد بدرًا، قال، بعد أن ذهب بصرُه: لو كنتُ اليوم ببدر ومعي بصري لأريتكم الشِّعْب الذي خرجتْ منه الملائكة، لا أشك فيه ولا أتمارى.
قال ابن إسحاق: وحدثني أبي إسحاق بن يسار، عن رجال من بني مازن بن النجار، عن أبي داود المازني، وكان شهد بدرًا، قال: إني لأتبع رجلًا من المشركين يوم بدر لأضربه، إذ وقع رأسُه قبل أن يصلَ إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري.
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن مِقْسم، مولى عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن عباس، قال: كانت سِيما الملائكة يوم بدر عمائمَ بيضًا قد أرسلوها على ظهورهم، ويوم حُنين عمائم حمرًا.
قال ابن هشام: وحدثني بعضُ أهل العلم أن علي بن أبي طالب قال: العمائم تيجان العرب وكانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضًا وقد أرخوها على ظهورهم، إلا جبريل فإنه كانت عليه عمامة صفراء.
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن مِقْسَم، عن ابن عباس، قال: ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى بدر من الأيام، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عَددًا ومَددًا لا يضربون.
مقتل أبي جهل: قال ابن إسحاق: وأقبل أبو جهل يومئذ يرتجز، وهو يقاتل ويقول:
ما تَنْقِم الحربُ العَوانُ مني                      بازلُ عامَيْن حديث سِني3
لمثلِ هذا ولدتني أمي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الدبرة: الدائرة.
2 أقدم: كلمة تزجر بها الخيل وحيزوم هو فرس جبريل عليه السلام.
3 الحرب العوان جمع عون: الحرب الشديدة التي قوتل فيها مرة بعد أخرى، والبازل من الإبل الذي خرج سنه فهو في ذلك يصل لذروة مرحلة الشباب.


ص -201-      قال ابن هشام: وكان شعار أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: أحَدٌ أحَدٌ.
قال ابن إسحاق: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عَدوه، أمر بأبى جهل أن يُلْتمس في القتلى.
وكان أول من لقي أبا جهل، كما حدثني ثَوْر بن يزيد عن عِكْرمة، عن ابن عباس، وعبد الله بن أبي بكر أيضًا قد حدثني ذلك قالا: قال معاذ بن عمرو بن الجموح، أخو بني سَلمة: سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحَرَجة -قال ابن هشام: الحَرَجة: الشجر الملتف. وفي الحديث عن عمر بن الخطاب: أنه سأل أعرابيًّا عن الحَرَجة؟ فقال: هي شجرة من الأشجار لا يوصل إليها، وهم يقولون: أبو الحَكم لا يُخلص إليه. قال: فلما سمعتها جعلته من شأني، فصمَدْتُ نحوَه، فلما أمكنني حملت عليه، فضربته ضربة أطنَّت قدمَه1 بنصف ساقه، فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مِرْضخة النوى حين يُضرب بها2. قال: وضربني ابنه عِكرمة على عاتقي، فطرح يدي، فتعلقت بجلْدة من جَنْبي، وأجهضني3 القتالُ عنه، فلقد قاتلت عامة يومي، وإني لأسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي، ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها.
قال ابن إسحاق: ثم عاش بعد ذلك حتى كان زمان عثمان.
ثم مر بأبي جهل وهو عَقير: مُعَوّذ بن عفراء، فَضَرَبه حتى أثبته، فتركه وبه رمق. وقاتل مُعَوذ حتى قُتل، فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل، حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُلتمس في القتلى، وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما بلغنى-: "انظروا -إن خفي عليكم في القتلى-إلى أثر جُرح في ركبته؛ فإني ازدحمت يوماَ أنا وهو على مأدُبة لعبد الله بن جُدْعان، ونحن غلامان، وكنت أشفَّ منه بيَسير، فدفعتُهُ فوقع على ركبتيه، فجحش4 في إحداهما جَحْشًا لم يزل أثره به". قال عبد الله بن مسعود: فوجدته بآخر رَمَق فعرفته، فوضعت رجلي على عُنقه، قال: وقد كان ضبَث بن مرة بمكة، فآذاني ولكزني، ثم قلت له: هل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أطنت قدمه: أطارتها.
2 مرضخة النوى: التي يدق بها النوى.
3 أجهضني: غلبني.
4 جحش: خدش.

ص -202-      أخزاك الله يا عدوَّ الله؟ قال: وبماذا أخزاني أعْمَدُ من رجل قتلتموه1، أخْبرني لمن الدائرة اليومُ؟ قال: قلت للّه ولرسوله.
قال ابن هشام: ضَبَثَ: قبض عليه ولَزِمه. قال ضابئ بن الحارث البُرْجمي:
فأصبحت مما كان بَيْني وبينَكم                من الودِّ مثلَ الضابثِ الماءَ باليدِ
قال ابن هشام: ويقال: أعَارٌ على رجل قتلتموه، أخبرني لمن الدائرة اليوم؟
قال ابن إسحاق: وزعم رجال من بني مخزوم، أن ابن مسعود كان يقول: قال لي: لقد ارتقيت مرتقى صعبًا يا رُوَيْعي الغنم قال: ثم احتززت رأسَه ثم جئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، هذا رأس عدو الله أبي جهل؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آلله الذي لا إله غيره -قال: وكانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: قلتُ نعم، والله الذي لا إله غيره، ثم ألقيت رأسَه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله.
قال ابن هشام: وحدثني أبو عبيدة وغيره من أهل العلم بالمغازي: أن عمر بن الخطاب قال لسعيد بن العاص، ومر به: إني أراك كأن في نفسك شيئًا، أراك تظن أني قتلت أباك، إني لو قتلته لم أعتذر إليك من قتله ولكني قتلت خالي العاص بن هشام بن المغيرة، فأما أبوك فإني مررت به وهو يبحث بحث الثور بروقه2 فحدت عنه، وقصد له ابن عمه على فقتله.
حديث عُكاشة بن مِحْصَن: قال ابن إسحاق: وقاتل عُكَّاشة بن مِحْصَن بن حُرْثان الأسدي حليف بني عبد شمس بن عبد مناف يوم بدر بسيفه حتى انقطع في يده، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه جِذْلًا3 من حَطب، فقال:
"قاتلْ بهذا يا عُكَّاشة"، فلما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم هزه، فعاد سيفًا في يده طويل القامة، شديد المتْن، أبيض الحديدة، فقاتل به حتى فتح الله تعالى على المسلمين، وكان ذلك السيف يُسمى: العَوْن. ثم لم يزل عنده يَشْهد به المشاهد مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، حتى قُتل في الرِّدَّة، وهو عنده، قتله طُليحة بن خُوَيلد الأسدي، فقال طُليحة في ذلك:
فما ظنكم بالقومِ إذ تقتلونهم                  أليسوا وإن لم يُسْلموا برجالِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي ليس على عار فلن أبعد أن أكون رجلا قتله قومه.
2 الروق: القرن.
3 الجذل: أصل الشجرة.

ص -203-                                       فإن تك أذاودٌ أصِبْنَ ونِسْوة     فلن تذهبوا فِرْغًا بقتلِ حِبال1
نصبْت لهم صدرَ الحِمالةِ                          إنها معاودة قِيلَ الكُماة نَزَالِ2
فيومًا تراها في الجِلالِ مَصُونةً                   ويومًا تراها غيرَ ذاتِ جِلالِ3
عشيَّةَ غادرتُ ابنَ أقرمَ ثاويًا                     وعُكَّاشة الغَنْمِي عندَ حجالِ
قال ابن هشام: حِبال: ابن طُلَيحة4 بن خُوَيلد.وابن أقْرَم: ثابت بن أقْرم الأنصاري.
قال ابن إسحاق: وعُكَّاشة بن محصن الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يدخل الجنة سبعون ألفًا من أمتي على صورة القمر ليلة البدر". قال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: "إنك منهم -أو اللهم اجعله منهم-"، فقام رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: "سبقك بها عُكَّاشة وبردت الدعوةُ"5.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما بلغنا عن أهله:
"منا خيرُ فارس في العرب"، قالوا: ومن هو يا رسول الله؟ قال: "عُكَّاشة بن مِحْصَن"، فقال ضرار بن الأزْور الأسدي: ذاك رجل منا يا رسول الله، قال: "ليس منكم ولكنه منا للحِلْف".
قال ابن هشام: ونادى أبو بكر الصديق ابنَه عبد الرحمن، وهو يومئذ مع المشركين، فقال أين مالي يا خبيثُ؟ فقال عبد الرحمن:
لم يَبْقَ غيرُ شِكَّةٍ ويَعْبوبْ                     وصارمٌ يَقْتلُ ضُلاَّلَ الشِّيبْ6
فيما ذكر لي عن عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي.
طرح المشركين في القليب: قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان عن عُروة بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأذواد: جمع ذود، ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل. والفرغ: أن يطل الدم.
2 الحمالة: اسم فرس. ونزال: اسم فعل أمر بمعنى أنزل.
3 الجلال ما يلبسه الفرس لصيانته.
4 هو ابن أخيه لا ابنه وهو: حبال بن مسلمة بن خويلد.
5 بردت الدعوة: ثبتت.
6 الشكة: السلاح. واليعبوب: الفرس الكثير الجري.
ص -204-      الزبير عن عائشة، قالت: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى أن يُطرحوا في القَليب طُرحوا فيه، إلا ما كان من أمية بن خلف، فإنه انتفخ في دِرْعه فملأها، فذهبوا ليحركوه، فتزايل لحمه، فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة. فلما ألقاهم في القليب، وقف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يأهلَ القَليب. هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا". قالت: فقال له أصحابه: يا رسول الله. أتكلم قومًا مَوْتَى؟ فقال لهم: "لقد علموا أن ما وعدَهم ربُّهم حقًّا".
قالت عائشة: والناس يقولون: لقد سمعوا ما قلت لهم، وإنما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لقد علموا".
قال ابن إسحاق: وحدثني حُمَيد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: سمع أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من جَوف الليل وهو يقول:
"يأهلَ القَليب، يا عتبةَ بن ربيعة، ويا شَيْبة بن ربيعة، ويا أمية بن خلف، ويا أبا جهل بن هشام، فعدَّد من كان منهم في القَليب: هل وجدتم ما وعدَ ربُّكم حقًّا؟ فإني قد وجدتُ ما وعدني ربي حقًّا؟" فقال المسلمون: يا رسول الله، أتنادي قومًا قد جيفُوا؟ قال: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أنَ يجيبوني".
قال ابن إسحاق: وحدثني بعضُ أهل العلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم هذه المقالة:
"يأهل القَليب، بئس عشيرةُ النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وأواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس"، ثم قال: "هل وجدتم ما وعدَكم ربُّكم حقًّا؟ للمقالة التي قال".
شعر حسان في ذلك: قال ابن إسحاق: وقال حسانُ بن ثابت:
عرفتُ ديارَ زَيْنبَ بالكَثيبِ                       كخَطِّ الوَحْي في الورقِ القَشيبِ
تداولُها الرياحُ وكل جَوْنٍ                         من الوَسْمِي منهمر سكوبِ1
فأمسى رسمها خَلَقًا وأمستْ               يبابًا بعدَ ساكِنِها الحبيبِ
فدعْ عنك التذكُّرَ كلَّ يومٍ                        ورُدَّ حرارةِ الصدرِ الكئيبِ

ص -205-                                  وخَبِّر بالذي لا عَيْبَ فيه  بصِدْقٍ غيرِ إخبارِ الكذوبِ
بما صنع المليكُ غَداةَ بدر                   لنا في المشركين من النَّصيبِ
غداةَ كأن جَمَعَهُئم حِراءٌ                      بدتْ أركانُة جُنْح الغروبِ
فلاقَيناهُمُ منا بجَمْع                          كأسْد الغابِ مردانٍ وشيبِ
أمامَ محمد قد وازروه                         على الأعداءِ في لَفْحِ الحروبِ
بأيديهم صَوارمُ مُرهَفات                     وكلُّ مجرَّب خَاظِي الكُعوبِ1
بنو الأوسِ الغَطارفُ وازرَتْها                  بنو النجارِ في الدينِ الصليبِ2
فغادرنا أبا جهل صريعًا                        وعُتبةَ قد تركنا بالجَبوبِ3
وشَيْبةَ قد تركنا في رجال                   ذوي حسبٍ إذا نُسبوا حسيبِ
يناديهم رسولُ الله لما                       قذفناهم كباكِبَ في القَليبِ4
ألم تجدوا كلامي كان حَقُّا                  وأمرُ الله يأخدُ بالقَلوبِ؟
فما نطقوا، ولو نطقوا لقالوا:
صدقتَ وكنتَ ذا رأيٍ مُصيبِ
قال ابن إسحاق: ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُلقوا في القَليب، أخذ عتبة بن ربيعة، فسُحب إلى القليب. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما بلغني- في وجه أبي حذيفة بن عُتبة، فإذا هو كئيب قد تغير لونه، فقال: "يا أبا حذيفة، لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء؟" أو كما قال صلى الله عليه وسلم فقال: لا والله يا رسول الله، ما شككتُ في أبي ولا في مصرعه، ولكني كنت أعرف من أبي رأيًا وحلمًا وفضلًا، فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الِإسلام، فلما رأيت ما أصابه، وذكرت ما مات عليه من الكفر، بَعْدَ الذي كنت أرجو له، أحزنني ذلك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير، وقال له خيرًا.
الفتية الذين نزل فيهم
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} وكان الفتية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الخاظي: المكتنز.
2 الغطارف: السادة. والصليب: القوي.
3 الجبوب: وجه الأرض.
4 الكباكب: الجماعات.
ص -206-      الذين قُتلوا ببدر، فنزل فيهم من القرآن، فيما ذكر لنا: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء:97] فتية مُسَمَّين: من بني أسد بن عبد العزى بن قصي: الحارث بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب بن أسد.
ومن بني مخزوم: أبو قيس بن الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عُمر بن مخزوم، وأبو قَيْس بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
ومن بني جمَح: علي بن أمية بن خلف بن وهب بن حُذافة بن جُمَح.
ومن بني سهم: العاص بن مُنَبه بن الحجاج بن عامر بن حُذيفة بن سعد بن سهم.
وذلك أنهم كانوا أسلموا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حبسهم آباؤهم وعشائرهم بمكة وفتنوهم فافتتنوا، ثم ساروا مع قومهم إلى بدر فأصيبوا به جميعًا.
فيء بدر: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بما في العسكر، مما جَمع الناس، فجُمع، فاختلف المسلمون فيه، فقال من جمعه: هو لنا. وقال الذين كانوا يقاتلون العدو ويطلبونه: والله لولا نحن ما أصبتموه، لنحن شَغلْنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم، وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافةَ أن يُخالف إليه العدو: والله ما أنتم بأحق به منا، والله لقد رأينا أن نقتل العدو إن منحنا الله تعالى أكتافه، ولقد رأينا أن نأخذ المتاع حين لم يكن دونَه من يمنعه، ولكنا خِفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كَرَّة العدو، فقمنا دونَه فما أنتم بأحق به منا.
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا عن سليمان بن موسى عن مكحول، عن أبي أمامة الباهلي -واسمه صُدَيُّ بن عَجْلان فيما قال ابن هشام- قال: سألت عُبادة بن الصامت عن الأنفال، فقال: فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا، فجعله إلى رسوله، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بَوَاء. يقول: على السواء.
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر، قال: حدثني بعضُ بني ساعدة عن أبي أسَيد الساعدي مالك بن ربيعة، قال: أصبتُ سيف بني عائط المخزوميين الذي يسمَّى المَرْزُبان يوم

ص -208-      بدر، فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناسَ أن يردوا ما في أيديهم من النَّفْل، أقبلتُ حتى ألقيته في النفل. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع شيئًا سُئله، فعرفه الأرقم بن أبي الأرقم، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاه إياه.
بُشرى الفتح: قال ابن إسحاق: ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندَ الفتح عبدَ الله بن رَواحة بشيرًا إلى أهل العالية، بما فتح الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، وبعث زَيد بن حارثة إلى أهل السَّافلة. قال أسامة بن زيد: فأتانا الخبر -حين سَوَّيْنا الترابَ على رُقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي كانت عند عثمان بن عفان. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خَلفني عليها مع عثمان- أن زيد بن حارثة قد قدم. قال: فجئته وهو واقف بالمصلى قد غشيه الناس، وهو يقول: قُتل عتبة بن ربيعة، وشيْبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وزَمْعَة بن الأسود، وأبو البَخْتري العاص بن هشام، وأمية بن خلف، ونُبيه ومُنبه ابنا الحجاج. قال: قلت: يا أبتِ، أحقٌّ هذا؟ قال: نعم، والله يا بني.
الرجوع إلى المدينة: ثم أقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قافلًا إلى المدينة، ومعه الأسارى من المشركين، وفيهم عُقبة بن أبي مُعَيْط، والنَّضر بن الحارث، واحتمل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه النفل الذي أصيب من المشركين، وجعل على النفل عبدَ الله بن كعب بن عمرو بن عَوْف بن مبذول بن غَنْم بن مازن بن النجار فقال راجز من المسلمين قال ابن هشام: يقال: إنه عدي بن أبي الزَّغْباء:
أقِمْ لها صدورَها يا بَسْبَسُ                       ليس بذي الطَّلْحِ لها مُعَرَّسُ
ولا بصحراءِ غُمَيْر مَحْبَس                         إن مطايا القومِ لا تُخَيَّس1
فحمْلُها على الطريق أكْيَس                     قد نصر الله وفرَّ الأخْنَسُ
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا خرج من مَضيق الصفراء نزل على كثيب بين المضيق وبين النازية -يقال له: سير- إلى سَرْحة به فقسم هنالك النفل الذي أفاء الله على المسلمين من المشركين على السواء، ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بالروحاء لقيه المسلمون يهنئونه بما فتح الله عليه ومن معه من المسلمين، فقال لهم سَلَمة بن سلامة -كما حدثني عاصم بن عُمر بن قتادة، ويزيد بن رُومان-: ما الذي تهنئوننا به؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لا تخيس: لا تحبس.

ص -209-      قال: تقول سَوْدة: والله إني لعندهم إذ أتينا، فقيل: هؤلاء الأسارى، قد أتى بهم. قالت: فرجعتُ إلى بيتي، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيه، وإذا أبو يزيد سُهيل بن عمرو في ناحية الحجرة، مجموعة يداه إلى عُنقه بحبل قالت: فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت: أي أبا يزيد: أعطيتم بأيديكم، ألا مُتم كرامًا، فوالله ما أنبهني إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت: "يا سَوْدة، أعلى الله ورسوله تُحرّضين؟!" قالت: قلتُ: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلتُ ما قلتُ.
الإيصاء بالأسارى: قال ابن إسحاق: وحدثني نُبيه بن وهب، أخو بني عبد الدار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل بالأسارى فرقهم بين أصحابه، وقال:
"استوصوا بالأسارى خيرًا". قال: وكان أبو عزيز بن عُمَير بن هاشم، أخو مُصْعَب بن عُمير لأبيه وأمه في الأسارى.
قال: فقال أبو عزيز: مَرَّ بي أخي مُصْعب بن عُمير ورجل من الأنصار يأسرني، فقال: شد يديك به، فإن أمه ذات متاع، لعلها تفديه منك، قَال وكنت في رَهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدَّموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز، وأكلوا التمر، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها. قال: فأستحيي فأردها على أحدهم، فيردها عليَّ ما يمسها.
بلوغ مصاب قريش في رجالها إلى مكة: قال ابن هشام: وكان أبو عزيز صاحب لواء المشركين ببدر بعد النَّضر بن الحارث، فلما قال أخوه مُصْعب بن عُمَير لأبى اليَسَر، وهو الذي أسره، ما قال، قال له أبو عَزيز: يا أخي، هذه وَصاتُك بي، فقال له مُصْعَب: إنه أخي دونَك. فسألتْ أمه عن أغلى ما فُدِي به قُرشي، فقيل لها: أربعة ألاف درهم، فبعثته بأربعة الاف درهم، ففدته بها.
قال ابن إسحاق: وكان أول من قدم مكة بمصاب قريش الحَيْسُمان بن عبد الله الخُزاعي، فقالوا: ما وراءك؟ قال: قُتل عُتبة بن ربيعة، وشَيْبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خَلف، وزَمْعة بن الأسود، ونُبيه ومُنبه ابنا الحجاج، وأبو البَخْتري بن هشام، فلما جعل يعدد أشرافَ قريش قال صفوان بن أمية، وهو قاعد في الحِجْر: والله إن يَعْقل هذا فاسئلوه عني فقالوا: ما فعل صَفْوان بن أمية؟ قال: ها هو ذاك جالسًا في الحِجْر، وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قُتلا.

ص -210-      قال ابن إسحاق: وحدثني حُسين بن عبد الله بن عُبيد الله بن عباس، عن عِكْرمة مولى ابن عباس، قال: قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنتُ غلامًا للعباس بن عبد المطلب، وكان الِإسلام قد أدخلنا أهل البيت، فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل وأسلمتُ وكان العباس يهاب قومَه ويكره خلافَهم وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه، وكان أبو لهب قد تخلَّف عن بدر، فبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة، وكذلك كانوا صنعوا، لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلًا، فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش، كبته الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوةً وعِزًّا. قال: وكنت رجلًا ضعيفًا، وكنت أعمل الأقداح، أنحتها في حُجرة زمزم، فوالله إني لجالس فيها أنحت أقداحي، وعندي أمُّ الفضل جالسة، وقد سَرَّنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه بِشَر. حتى جلس على طُنُب الحجرة1، فكان ظهره إلى ظهري. فبينما هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب -قال ابن هشام: واسم أبي سفيان المغيرة- قد قدم. قال: فقال أبو لهب: هلمَّ إليَّ، فعندك لعمري الخبر، قال: فجلس إليه والناس قيام عليه، فقال: يابن أخي، أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال: والله ما هو إلا أن لقينا القومَ فمنحناهم أكتافنا يقودوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا، وايم الله مع ذلك ما لُمت الناس، لقينا رجالًا بيضًا، على خَيْل بُلْق، بين السماء والأرض، والله ما تُليق شيئًا2، ولا يقوم لها شيء. قال أبو رافع: فرفعت طُنُب الحجرة بيدي، ثم قلت: تلك والله الملائكة قال: فرفع أبو لهب يده فضرب بها وجهي ضربةً شديدة. قال: وثاورْتُه3 فاحتملني فضرب بي الأرض، ثم برك عليَّ يضربني، وكنت رجلًا ضعيفًا. فقامت أم الفضل إلى عمود من عُمد الحجرة، فأخذته فضربته فلَعت4 في رأسه شَجَّة منْكَرة، وقالت: استضعفته أن غاب عنه سيدُه؟ فقام مُولِّيا ذليلا، فوالله ما عاش إلا سبعَ ليالٍ حتى رماه الله بالعَدَسة5 فقتلته.
قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عَبَّاد، قال: ناحت قريش على قتلاهم، ثم قالوا: لا تفعلوا فيبلُغَ محمدًا وأصحابَه، فيشمَتوا بكم ولا تبعثوا في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طنب الحجرة: طرفها.
2 لا تبقى شيئا.
3 ثاورته: وثبت إليه.
4 لعت: شقت.
5 العدسة: بثرة خطرة تخرج في الجسم تشبه الطاعون تقتل صاحبها سريعا.

ص -211-      أسراكم حتى تسْتأنوا بهم لا يأرب1 عليكم محمد وأصحابه في الفداء. قال وكان الأسود بن المطَّلب قد أصيب له ثلاثة من ولده، زَمعة بن الأسود، وعَقيل بن الأسود، والحارث بن زَمعة، وكان يحب أن يبكي على بنيه، فبينما هو كذلك إذ سمع نائحةً من الليل، فقال لغلام له، وقد ذهب بصره: انظر هل أحِلَّ النَّحْب، هل بكت قريش على قتلاها؟ لعلى أبكي على أبي حكيمة، يعني زمعة، فإن جوفي قد احترق قال: فلما رجع إليه الغلام قال: إنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته. قال: فذاك حين يقول الأسود:
أتبكي أن يَضلَّ لها بعيرٌ                            ويمنعُها من النومِ السُّهودُ
فلا تبكي على بَكْر ولكن                          على بدرٍ تقاصرتِ الجُدودُ
على بدرٍ سَرَاةِ بني هُصيْصٍ                     ومخزومٍ ورَهْط أبي الوليدِ
وبَكِّي إن بكيتِ على عَقيل                       وبكّي حارثًا أسَدَ الأسودِ
وبكيِّهم ولا تَسَمى جميعًا                        وما لأبي حَكيمةَ من نَدِيدِ2
ألا قد ساد بعدَهُمُ رجال                           ولولا يومُ بدر لم يَسُودوا
قال ابن هشام: هذا إقواء، وهي مشهورة من أشعارهم، وهي عندنا إكفاء3. وقد أسقطنا من رواية ابن إسحاق ما هو أشهر من هذا.
قال ابن إسحاق: وكان في الأسارى أبو وَداعة بن ضُبَيْرة السَّهْمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن له بمكة ابنًا كَيِّسًا تاجرًا ذا مال، وكأنكم به قد جاءكم في طلب فداء أبيه"، فلما قالت قريش: لا تعجلوا بفداء أسراكم لا يأرب عليكم محمد وأصحابه، قال المطلب بن أبي وَداعة -وهو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عني-: صدقتم، لا تعجلوا، وانسلَّ من الليل فقدم المدينة، فأخذ أباه بأربعة آلاف درهم، فانطلق به.
فداء سُهَيل بن عمرو: قال، ثم بعثت قريش في فداء الأسارى، فقدم مِكْرَز بن حفص بن الأخْيف في فداء سُهَيل بن عمرو، وكان الذي أسره مالك بن الدُّخْشُم، أخو بني سالم بن عوف، فقال:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي تأخروا في فدء أسراكم حتى لا يشتد عليكم في الفداء.
2 تسمى: تسامى. والنديد: الشبيه.
3 الإقواء والإكفاء: عيوب في قافية الشعر.

ص -212-                                     أسرتُ سُهيْلا فلا أبتغي          أسيرًا به من جميعِ الأممْ
وخِنْدف تعلم أنَّ الفتى                          فتاها سُهَيل إذا يُظَّلَمْ
ضربتُ بذي الشَّفْر حتى انثنى               وأكرهتُ نفسي على ذي العَلَمْ
وكان سُهَيل رجلًا أعلم من شفته السُّفْلَى1.
قال ابن هشام: وبعض أهل العلم بالشعر ينكر هذا الشعر لمالك بن الدُّخْشُم.
قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن عمرو بن عطاء، أخو بني عامر بن لُؤَي، أن عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، دعني أنزع ثنيتي سَهل بن عمرو، ويَدْلَع2 لسانه، فلا يقوم عليك خطيبًا في موطن أبدًا: قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا أمثِّل به فيمثل الله بي وإن كنت نبيًّا".
قال ابن إسحاق: وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر في هذا الحديث: "إنه عسى أن يقوم مقامًا لا تَذمُّه".
قال ابن هشام: وسأذكر حديث ذلك المقام في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال ابن إسحاق: فلما قاولهم فيه مِكْرَز وانتهى إلى رضاهم، قالوا: هات الذي لنا، قال: اجعلوا رجلي مكان رجله، وخلوا سبيله حتى يبعث إليكم بفدائه، فخَلَّوْا سبيل سُهَيل، وحبسوا مِكْرزًا مكانه عندهم، فقال مِكْرز:
فديتُ بأذوادٍ ثِمانٍ سِبا فَتى                        ينال الصميمَ غُرمُها لا المواليا
رهنْتُ يدي والمالُ أيسرُ من يدي                 عليَّ ولكني خَشيت المخازِيَا
وقلتُ: سُهيلٌ خيرُنا فاذهبوا به                    لأبنائِنا حتى نُديرَ الأمانيا
قال ابن هشام: وبعض أهل العلم بالشعر ينكر هذا لمِكْرَز.
أسر عمرو بن أبي سفيان: قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر، قال: كان عمرو بن أبي سفيان بن حرب، وكان لبنت عقبة بن أبي مُعَيْط -قال ابن هشام: أم عمرو بن أبي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأعلم: مشقوق الشفة العليا وليس السفلى.
2 يدلع: يخرج.
ص -213-      سفيان بنت أبي عمرو، وأخت أبي مُعَيط بن أبي عمرو- أسيرًا في يَدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أسرى بدر.
قال ابن هشام: أسره علي بن أبي طالب.
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، قال: فقيل لأبي سفيان: أفد عَمرًا ابنك، قال: أيجمع عليَّ دمي ومالي؟ قتلوا حَنْظلة، وأفْدِي عَمرًا! دعوه في أيديهم يُمسكوه ما بدا لهم.
قال: فبينما هو كذلك، حبوس بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج سعدُ بن النعمان بن أكَّال، أخو بني عَمرو بن عَوْف ثم أحد بني معاوية معتمرًا ومعه مُرَيَّةٌ له، وكان شيخًا مسلما، في غنم له بالنَّقيع1 فخرج من هنالك معتمرًا، ولا يخشى الذي صُنع به، لم يظن أنه يُحبس بمكة، إنما جاء معتمرًا. وقد كان عَهِدَ قريشًا لا يَعْرضون لأحد جاء حاجًّا أو معتمرًا إلا بخير، فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة فحبسه بابنه عَمْرو، ثم قال أبو سفيان:
أرهطَ ابنِ أكَّالٍ أجيبوا دُعاءَه                تعاقدتم لا تُسلموا السَّيدَ الكَهْلاَ
فإن بني عَمْرو لئامٌ أذِلةٌ                     لئن لم يَفُكُّوا عن أسيرِهم الكَبْلا
فأجابه حسان بن ثابت فقال:
لو كان سعد يومَ مكةَ مُطلقًا                  لأكثر َفيكم قبلَ أن يُؤْسَرَالقَتْلا
بعَضْبٍ حُسَامٍ أو بصفراءَ نبعةٍ                  تحنُّ إذا ما أنْبِضَتْ تَحْفِزُ النَّبلا2
ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبروه خبره، وسألوه أن يعطيَهم عمرو بن أبي سفيان فيفكوا به صاحبهم، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: فبعثوا به إلى أبي سفيان، فخلى سبيل سعد.
قصة زينب بنت الرسول وزوجها أبي العاص: قال ابن إسحاق: وقد كان في الأسارى أبو العاص بن الربيع بن عبد العُزَّى بن عبد شمس، خَتْن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته زينب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 موضع قرب المدينة.
2 العضب: السيف القاطع. والصفراء النبعة: القوس المصنوعة من شجرة النبع. وتحن: بصوت وترها. وأنبضت: تحرك وتر القوس استعدادًا للانطلاق. وتحفز النبلا: ترميه.

ص -214-      قال ابن هشام: أسرهِ خِرَاش بن الصِّمَّة، أحد بني حرام.
قال ابن إسحاق: وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين، مالًا، وأمانة، وتجارة، وكان لهالة بنت خوَيْلد، وكانت خديجة خالته. فسألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالفها، وذلك قبل أن ينزل عليه الوحي، فزوَّجه، وكانت تعده بمنزلة ولدها: فلما أكرم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بنبوته آمنت به خديجة وبناته، فصدَّقْنه، وشَهدْن أن ما جاء به الحق، ودِنَّ بدينه، وثبت أبو العاص على شركه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج عُتبة بن أبي لهب رُقية، أو أم كلثوم1. فلما بادى قريشًا بأمر الله تعالى وبالعداوة، قالوا: إنكم قد فَرَّغْتم محمدًا من همه، فردُّوا عليه بناتِهِ، فاشغلوه بهنَّ فمشوا إلى أبي العاص فقالوا له: فارق صاحبتك ونحن نزوجك أي امرأة من قريش شئتَ، قال: لا والله، إني لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأةً من قريش. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه في صِهْره خيرًا، فيما بلغني، ثم مشوا إلى عُتبة بن أبي لهب، فقالوا له: طَلِّق بنت محمد ونحن ننكحك أي امرأة من قريش شئتَ: فقال: إن زوجتموني بنت أبان بن سعيد بن العاص، أو بنت سعيد بن العاص فارقتها، فزوجوه بنت سعيد بن العاص وفارقها، ولم يكن أدخل بها فأخرجها الله من يده كرامة لها، وهوانًا له، وخَلَفَ عليها عثمانُ بن عفان بعده.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحل بمكة ولا يُحرم مغلوبًا على أمره، وكان الِإسلام قد فرَّق بين زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلمت وبين أبي العاص بن الربيع، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدر أن يفرق بينهما، فأقامت معه على إسلامها وهو على شركه، حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صارت قريش إلى بدر، صار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كانت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت عتبة بن أبي لهب، وأم كلثوم تحت عتيبة، فطلقاهما بعزم أبيهما وأمهما حين نزلت
{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] فأما عتيبة فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلط الله عليه كلبًا من كلابه فافترسه الأسد من بين أصحابه، وهم نيام حوله، وأما عتبة ومعتب ابنا أبي لهب، فأسلما ولهما عقب. انظر الروض الأنف بتحقيقنا ج3 ص68.

ص -215-      فيهم أبو العاص بن الربيع فأصيب في الأسارَى يوم بدر، فكان بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، عن عائشة قالت: لما بعث أهلُ مكة في فداءِ أسرائهم، بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال وبعثت فيه بقلادةٍ لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها قالت: فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رَقَّ لها رِقةً شديدة وقال:
"إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها مالَها، فافعلوا؟" فقالوا: نعم يا رسول الله. فأطلقوه وردوا عليها الذي لها.
خروج زينب إلى المدينة:
قال: وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه، أو وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، أن يخلي سبيل زينب، أو كان فيما شرط عليه في إطلاقه، ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُعلم ما هو، إلا أنه لما خرج أبو العاص إلى مكة وخُلي سبيله، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلًا من الأنصار مكانه، فقال: كونا ببطن يأجَج حتى تمر بكما زينب، فتصحباها حتى تأتياني بها. فخرجا مكانَهما، وذلك بعد بدر بشهر أو شَيْعِه1، فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها، فخرجت تَجَّهز.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر، قال: حُدثت عن زينب أنها قالت: بينا أنا أتجهز بمكة للحوق بأبي لقيتني هند بنت عتبة، فقالت: يا بنت محمد، ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك؟ قالت: ما أردتُ ذلك، فقالت: أي ابنة عمي، لا تفعلي، إن كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك، أو بمال تتبلغين به إلى أبيك، فإن عندي حاجتك، فلا تَضْطَني2 مني فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال. قالت: والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل، قالت: ولكني خِفتُها، فأنكرت أن أكون أريد ذلك، وتجهزت.
فلما فرغت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهازها قَدَّم لها حَمُوها كِنانةُ بن الربيعِ أخو زوجها بعيرًا، فركبته، وأخذ قوسَه وكنانته، ثم خرج بها نهارا يقود بها، وهي في هَوْدج

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 شيعه: قريب منه.
2 أي لا تستحي.

ص -216-      لها. وتحدث بذلك رجال من قريش، فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طُوى، فكان أول من سبق إليها هبَّار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، والفِهْري، فروَّعها هَبَّار بالرُّمح وهي في هودجها، وكانت المرأة حاملًا -فيما يزعمون- فلما رِيعتْ طرحتْ ذا بطنها. وبرك حموها كنانة، ونثر كنانته، ثم قال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهمًا، فتكَرْكر1 الناس عنه. وأتى أبو سفيان في جلَّة من قريش فقال: أيها الرجل، كف عنا نبلَك حتى نكلمَك فكف، فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه، فقال: إنك لم تُصب، خرجت بالمرأة على رءوس الناسِ علانية، وقد عرفتَ مصيبتَنا ونكبتَنا، وما دخل علينا من محمد فيظن الناس إذا خرجت بابنته إليه علانية على رءوس الناس من بين أظهرنا، أن ذلك عن ذُلّ أصابنا عن مصيبتنا التي كانت، وأن ذلك منا ضَعْف ووَهْن، ولعَمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة، ومالنا في ذلك من ثُؤْرة2، ولكن ارجع بالمرأة، حتى إذا هدأت الأصواتُ، وتحدث الناس أن قد رددناها، فسُلَّها سِرًّا، وألحقها بأبيها قال: ففعل. فأقامت لياليَ، حتى إذا هدأت الأصواتُ خرج بها ليلًا حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه، فقدما بها على رسول الله صلى الله عليه.
قال ابن إسحاق: فقال عبد الله بن رواحة: أو أبو خَيْثمة، أخو بني سالم بن عوف في الذي كان من أمر زينب -قال ابن هشام: هي لأبى خيثمة-:
أتاني الذي لا يقدرُ الناسُ قَدْرَه                      لزينَب فيهم من عُقوقٍ ومَأثَم
وإخراجُها لم يُخْزَ فيها محمدٌ                          على مَأقِطٍ وبيننا عِطْرُ مَنْشَمِ3
وأمسى أبو سفيانَ من حِلْفِ ضَمْضَمً              ومن حربنا في رَغْمَ أنفٍ ومَنْدم
قرنَّا ابنَه عَمرًا ومولَى يمينه                           بذي حَلَقٍ جَلْد ِالصَّلاصلِ مُحكَمِ4
فأقسمْتُ لا تَنْفكُّ منا كتائب                          سُراةُ خَميسٍ في لُهامٍ مُسَوَّمِ5
نزوعُ قريش الكفرِ حتى نَعُلَّها                         بخاطمةٍ فوقَ الأنوفِ بميْسَمِ6

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تكركر: رجع.
2 الثؤرة: طلب الثأر.
3 المأقط: معترك الحرب، ومنشم امرأة كانت تبيع العطر فتحالف قوم على الموت في قتال عدوهم وغمسوا أيديهم في عطرها فماتوا جميعا فضرب به المثل في الشؤم.
4 ذي حلق: السلاسل. والصلاصل: صوت الحديد.
5 السراة: السادة، والخميس: الجيش، واللهام: الكثير، والمسوم: المعلم.
6 نزوع: نسوق، نعلها: نعيد عليهم الكرة.

ص -217-                                   ننزلهم أكنافَ نجدٍ ونخلةٍ           وإن يُتْهموا بالخيلِ والرَّجْلِ نُتهِمِ1
يد الدهرِ حتى لا يُعَوَّجُ سِربُنا                ونُلحقهم آثارَ عادٍ وجُرْهم2
ويندَم قومٌ لم يُطيعوا محمدًا                 على أمرِهم وأيّ حين تَنَدُّمِ
فأبلغْ أبا سفيانَ إما لَقِيتَه                    لئن أنتَ لم تُخلصْ سجودًا وتُسْلم
فأبشرْ بخزْيٍ في الحياةِ معُجَّلٍ              وسِرْبالِ قارٍ خالدًا في جَهنمِ
قال ابن هشام: ويروى: وسربال نار.
قال ابن إسحاق: ومولى يمين أبي سفيان، الذي يعني: عامر بن الحضرمي: كان في الأسَارَى وكان حلف الحضرمي إلى حرب بن أمية.
قال ابن هشام: مولى يمين أبي سفيان، الذي يعني: عُقبة بن عبد الحارث بن الحضرمي، فأما عامر بن الحضرمي فقتل يوم بدر.
ولما انصرف الذين خرجوا إلى زينب لقيتهم هند بنت عتبة فقالت لهم:
أفي السِّلمِ أعْيارٌ جَفاءً وغِلظةً             وفي الحربِ أشباهُ النساءِ العَوارِكِ3
وقال كنانة بن الربيع في أمر زينب، حين دفعها إلى الرجلين:
عَجبتُ لهبَّارٍ وأوباقِ قومِهِ                        يريدون إخفاري ببنتِ محمدِ
ولستُ أبالي ما حَيِيتُ عديدهم              وما استجمَعَتْ قبضًا يَدِي بالمهتدِ
قال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن بُكَير بن عبد الله بن الأشَجّ، عن سليمان بن يسار، عن أبي إسحاق الدَّوْسي. عن أبي هريرة. قال: بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَرِيَّة أنا فيها. فقال لنا: "إن ظفرتم بهبَّار بن الأسود، أو الرجل الآخر الذي سبق معه إلى زينب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأكناف: النواحي. نجد ما ارتفع من أرض الحجاز. ونخلة موضع قريب من مكة وأتهم: أتى تهامة وهي ما انخفض من أرض الحجاز.
2 يد الدهر: أي أبد الدهر. والسرب: الطريق.
3 الأعيار: الحمير. والعوارك: الحيض.
ص -218-      -قال ابن هشام: وقد سمى ابنُ إسحاق الرجلَ في حديثه وقال: هو نافع بن عبد قيس- فحرِّقوهما بالنار" قال، فلما كان الغدُ بعث إلينا. فقال: "إني كنت أمرتُكم بتحريق هذين الرجلين إن أخذتموهما. ثم رأيت أنه لا ينبغي لأحد أن يعذِّب بالنارِ إلا الله، فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما".
إسلام أبي العاص بن الربيع:
قال ابن إسحاق: وأقام أبو العاص بمكة، وأقامت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. حين فرق بينهما الِإسلام. حتى إذا كان قُبَيل الفتح، خرج أبو العاص تاجرًا إلى الشام، وكان رجلًا مأمونًا، بمال له وأموال لرجال من قريش، أبضعوها معه، فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلًا، لقيته سَرِيَّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابوا ماله، وأعجزهم هاربًا، فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله، أقبل أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستجار بها، فأجارته، وجاء في طلب مالهِ، فلما خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح كما حدثني يزيدُ بن رومان فكبر وكبر الناس معه، صرخت زينبُ من صُفَّة النساء: أيها الناس، إني قد أجرتُ أبا العاص بن الربيع، قال: فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس، فقال:
"أيها الناس! هل سمعتم ما سمعت؟" قالوا: نعم؟ قال: "والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتُ، إنه يُجير على المسلمين أدناهم". ثم انصرف رسول اللة صلى الله عليه وسلم، فدخل على ابنته، فقال: "أي بُنَية، أكرمي مثواه، ولا يخلصنَّ إليك، فإنك لا تحلين له".
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى السَّرية الذين أصابوا مال أبي العاص، فقال لهم:
"إن هذا الرجل منا حيثُ قد علمتم، أصبتم له مالًا، فإن تُحسنوا وتردوا عليه الذي له، فإنا نُحب ذلك، وإن أبيتم فهو فَيْءُ الله الذي أفاء عليكم، فأنتم أحقُّ به"، فقالوا: يا رسول الله، بل نرده عليه، فردوه عليه، حتى إن الرجل ليأتي بالدَّلْوِ، ويأتي الرجل بالشَّنَّة وبالِإداوة1، حتى إن أحدهم ليأتي بالشَظاظ2، حتى ردوا عليه مالَه بأسرِه، لا يفقد منه شيئًا، ثم احتمله إلى مكة، فأدى إلى كلِّ ذى مال من قريش مالَه، ومن كان أبضع معه، ثم قال: يا معشر قريش، هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الشنة: السقاء البالي، والإداوة: الإناء الصغير من الجلد.
2 الشظاظ: خشبة عقفاء تدخل فى عروتي الكيس، والجمع: أشظة.

ص -219-      قالوا: لا. فجزاك الله خيرًا، فقد وجدناك وفِيًّا كريمًا، قال: فأنا أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوّفي أن تظنوا أني أردت أن آكلَ أموالَكم، فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمتُ. ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق: وحدثني داودُ بن الحُصَيْن عن عِكرمة عن ابن عباس قال: رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينبَ على النكاح الأول لم يُحدثْ شيئًا1 بعد ستِ سنين.
قال ابن هشام: وحدثني أبو عبيدة: أن أبا العاص بن الربيع لما قَدِم من الشام ومعه أموال المشركين، قيل له: هل لك أن تُسلم وتأخذ هذه الأموال، فإنها أموال المشركين؟ فقال أبو العاص: بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي.
قال ابن هشام: وحدثني عبد الوارث بن سعيد التنَوري، عن داود بن أبي هند، عن عامر الشَّعبي، بنحو من حديث أي عبيدة عن أبي العاص.
قال ابن إسحاق: فكان ممن سُمى لنا من الأسارى ممن مُنَّ عليه بغير فداء، من بني عبد شمس بن عبد مناف: أبو العاص بن الربيع بن عبد العُزَّى بن عبد شمس مَنَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بفدائه. ومن بني مخزوم بن يقظة: المطَّلب بن حَنْطَب بن الحارث بن عُبَيدة بن عُمر بن مخزوم، كان لبعض بني الحارث بن الخزرج، فتُرك في أيديهم حتى خَلَّوا سبيله. فلحق بقومه.
قال ابن هشام: أسره خالد بن زَيْد، أبو أيوب الأنصاري، أخو بني النجَّار.
قال ابن إسحاق: وَصَيْفي بن أبي رفاعة بن عابد بن عبد الله بن عُمر بن مخزوم، تُرك في أيدي أصحابه، فلما لم يأتِ أحد في فدائه أخذوا عليه ليبعثنَّ إليهم بفدائه، فخلَّوْا سبيله، فلم يَفِ لهم بشيء فقال حسان بن ثابت في ذلك:
وما كان صَيفيٌّ ليُوفي ذمةً                     قَفا ثعلبٍ أعيا ببعضِ الموارِدِ
قال ابن هشام: وهذا البيت في أبيات له.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ويعارضه حديث عمرو بن شعيب أنه ردها عليه بنكاح جديد، ويمكن الجمع بينهما أنه ردها عليه على مثل النكاح الأول في الصداق مثلا.
ص -220-      قال ابن إسحاق: وأبو عزَّة، عَمرو بن عبد الله بن عثمان بن أهَيْب بن حُذافة بن جُمَح، كان محتاجًا ذا بنات، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله لقد عرفتَ مالي من مال، وإني لذو حاجة، وذو عيال، فامنُنْ عليَّ؟ فمنَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ عليه ألا يظاهر عليه أحدًا. فقال أبو عزة في ذلك، يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر فضله في قومه:
مَنْ مُبلغ عني الرسولَ محمدًا                       بأنك حقٌّ والمليكُ حَميدُ
وأنت امرؤ تدعو إلى الحقِّ والهدَى                  عليك من الله العظيمِ شهيدُ
وأنتَ امرؤ بوِّئتَ فينا مَباءةً                             لها درجاتٌ سَهْلةٌ وصعودُ1
فإنك من حاربته لمُحارَبٌ                              شَقِيّ ومن سالمته لسعيدُ
ولكن إذا ذُكرْتُ بدرًا وأهلَه                             تأوَّب ما بي حَسرةٌ وقعودُ2
ثمن الفداء: قال ابن هشام: كان فداء المشركين يومئذ أربعة آلاف درهم للرجل، إلى ألف درهم، إلا من لا شيء له، فمنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه.
إسلام عُمير بن وَهْب بعد تحريض صفوان له على قتل الرسول
قال ابن إسحاق: وحدثني محمدُ بن جعفر بن الزبير، عن عُروة بن الزبير قال: جلس عُمَيْر بن وهب الجُمحي مع صفوان بن أمية بعد مُصاب أهل بدر من قريش -في الحِجْر- بيسير، وكان عُمير بن وهب شَيْطانًا من شياطين قريش، وممن كان يُؤذِي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويَلْقَون منه عناءً وهو بمكة، وكان ابنهُ وهب بن عُمَيْر في أسارى بدر.
قال ابن هشام: أسره رفاعة بن رافع أحد بني زُرَيْق.
قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن جَعْفر بن الزُّبير، عن عُروة بن الزبير، قال: فذكر أصحابَ القَليب ومُصابهم، فقال صفوان: والله إنْ في العيش بعدهم خيرٌ؟ قال له عُمير: صدقتَ والله، أما والله لولا دَيْن عليَّ ليس له عندي قضاء، وعيالٌ أخشى عليهم الضَّيْعةَ بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتلَه، فإن لي قبلهم علة: ابني أسير في أيديهم قال: فاغتنمها صفوان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بوئت: نزلت.
2 تأوب: رجع.

ص -221-      وقال: عليَّ دينُك، أنا أقضيه عنك، وعيالُك مع عيالي أواسيهم.ما بَقُوا، لا يَسَعُني شيء ويعجز عنهم فقال له عُمَير: فاكتم شأني وشأنك قال: أفعل.
قال: ثم أمر عُمير بسيفه، فشُحِذ له وسُمَّ، ثم انطلق حتى قَدِم المدينة فبينا عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر، ويذكرون ما أكرمهم الله به، وما أراهم من عدوهم، إذ نظر عمر إلى عُمَيْر بن وهب حين أناخ على باب المسجد متوشحًا السيفَ، فقال: هذا الكلب عدوُّ الله عُمَيْر بن وَهْب، والله ما جاء إلا لشرٍّ. وهو الذي حَرَّش بينَنا، وحَزَرنا1 للقوم يوم بدر.
ثم دخل عُمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، هذا عدو الله عُمَيْر بنَ وَهْب قد جاء متوشِّحًا سيفَه: قال:
"فأدخلْه عليَّ"، قال: فأقبل عمر حتى أخذ بحمَّالة سيفه فرط عُنقه فلبَّبه بها، وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار: ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون، ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه، قال:
"أرسلْه يا عمر، ادْنِ يا عُمير؟" فدنا ثم قال: انعموا صباحًا، وكانت تحيةَ أهلِ الجاهليةِ بينَهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فقد أكرمنا الله بتحيةٍ خير من تحيتك يا عُمير، بالسلام: تحية أهل الجنة". فقال: أما والله يا محمد إن كنتُ بها لحديثُ عهد. قال: "فما جاء بك يا عمير؟" قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحْسنوا فيه، قال: "فما بال السيفُ في عنقك؟" قال: قبَّحها الله من سيوف، وهل أغنتْ عنا شيئًا؟ قال: "اصدقْني، ما الذي جئتُ له؟" قال: ما جئتُ إلا لذلك. قال: "بل قعدتَ أنت وصفوان بن أمية في الحِجْر، فذكرتما أصحابَ القليب من قريش، ثم قلت، لولا دين عليَّ وعيال عندي لخرجت حتى أقتلَ محمدًا، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك"، قال عُمَيْر: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذّبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد للّه الذي هداني للإِسلام وساقني هذا المساق، ثم شهد شهادةَ الحقِّ. فقال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 حرش: أفسد، والحرز: تقدير العدد تخمينا.

ص -222-      رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فقهوا أخاكم في دينه، واقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره"، ففعلوا.
ثم قال: يا رسولَ الله، إني كنت جاهدًا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل، وأنا أحب أن تأذنَ لي، فأقدم مكة، فأدعوهم إلى الله تعالى، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، لعل الله يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحق بمكة، وكان صفوان بن أمية حين خرج عُمَيْر بن وهب، يقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام، تنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل عنه الركبان، حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه، فحلف أن لا يكلمه أبدًا، ولا ينفعه بنفع أبدًا.
قال ابن إسحاق: فلما قدم عُمير مكة، أقام بها يدعو إلى الإسلام، ويؤذِي من خالفه أذًى شديدًا، فأسلم على يديه ناس كثير.
قال ابن إسحاق: وعُمير بن وهب، أو الحارث بن هشام، قد ذكر لي أحدهما، الذي رأى إبليس حين نكص على عقبيه يوم بدر، فقيل: أين، أي سُراق؟ ومَثَلَ1 عدو الله فذهب، فأنزل الله تعالى فيه:
{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ}. فذكر استدراج إبليس إياهم، وتشبهه بسُراقة بن مالك بن جُعْشم لهم، حين ذكروا ما بينهم وبين بني بكر بن عبد مَناة بن كنانة في الحرب التي كانت بينهم. يقول الله تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ} ونظر عدو الله إلى جنود الله من الملائكة، قد أيد الله بهم رسولَه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على عدوهم {نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ}. وصدق عدو الله، رأى ما لم يَرَوْا، وقال: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال: 48] فذكر لي أنهم كانوا يَرَوْنه في كل منزل في صورة سراقة لا ينكرونه، حتى إن كان يوم بدر، والتقى الجمعان نكص على عقبيه، فأوردهم ثم أسلمهم.
قال ابن هشام: نكص: رجع: قال أوْس بن حجر، أحد بني أسْد بن عَمرو بن تميم:
نكصتُم على أعقابِكم يومَ جئتُمُ                تُزَجُّونَ أنفالَ الخميسِ العَرَمْرَمِ
وهذا البيت في قصيدة له.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مثل: ذهب في الأرض واختفى.

ص -223-      قال ابن إسحاق: وقال حسان بن ثابت:
قومي الذين هُمُ آوَوْا نبيَّهم                 وصدَّقوه وأهلُ الأرضِ كُفَّارُ
إلا خصائصَ أقوامٍ همُ سَلَفٌ                للصالحين مع الأنصارِ أنصارُ
مُسْتبشرين بقَسْمِ الله قولُهم            لما أتاهم كريمُ الأصلِ مُختارا
أهلًا وسهلًا ففى أَمْنٍ وفى                 سَعَةٍ نعمَ النبي ونعمَ القَسْمُ والجارُ
فأنزلوه بدارٍ لا يُخاف بها                     من كان جارَهمُ دارًا هىَ الدارُ
وقاسَمُوه بها الأموالَ إذ قدموا               مهاجرين وقَسْمُ الجاحدِ النارُ
سِرنا وساروا إلى بَدْرٍ لِحيْنهمُ              لو يعلمون يقينَ العلمِ ما ساروا
دَلاَّهُمُ بغرورٍ ثم أسْلَمهم                    إن الخبيثَ لمن والاَه غَزَّارُ
وقال إني لكم جَار فأوردَهم                 شَرَّ المواردِ فيه الخِزْي والعارُ
ثم التقينا فولَّوْا عن سَراتِهمُ               من مُنْجدينَ ومنهم فرقة غاروا1
قال ابن هشام: أنشدني قولَه: "لما أتاهم كريمُ الأصلِ مختارُ" أبو زيد الأنصاري.
المطْعِمون من قريش:
قال ابن إسحاق: وكان المطعمون2 من قريش، ثم من بني هاشم بن عبد مناف: العباس بن عبد المطلب بن هاشم.
ومن بني عبد شمس بن عبد مناف: عُتبة بن ربيعة بن عبد شمس.
ومن بني نَوْفل بن عبد مناف: الحارث بن عامر بن نَوْفل، وطُعَيْمة بن عدي بن نوفل، يعتقبان ذلك.
ومن في أسد بن عبد العُزَّى: أبا البخْتري بن هشام بن الحارث بن أسد. وحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد: يعتقبان ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 السراة: الخيار. وغاروا: تفرقوا.
2 من يطعمون الحجيج أيام الموسم.

ص -224-      ومن بني عبد الدار بن قُصي: النَّضْر بن الحارث بن كَلَدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار.
قال ابن هشام: ويقال: النضر بن الحارث بن عَلْقمة بن كَلَدة بن عبد مناف بن عبد الدار.
قال ابن إسحاق: ومن بني مخزوم بن يقظة: أبا جهل بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
ومن بني جُمح: أمية بن خلف بن وَهْب بن حُذافة بن جُمَح.
ومن بني سَهْم بن عَمرو: نُبَيها ومُنبِّهًا ابني الحجاج بن عامر بن حُذيفة بن سعد بن سَهْم، يعتقبان ذلك.
ومن بني عامر بن لُؤَي: سُهيل بن عبد شمس بن عبد وُدّ بن نَصْر بن مالك بن حِسْل بن عامر.
أسماء خيل المسلمين يوم بدو:
قال ابن هشام: وحدثني بعض أهل العلم: أنه كان مع المسلمين يوم بدر من الخيل، فرس مَرْثَد بن أبي مَرْثَد الغَنَوِي، وكان يقال له: السبل وفرس المِقْداد بن عَمْرو البَهْراني، وكان يقال له: بَعْزجة، ويقال له: سَبْحة وفرس الزبير بن العوام، وكان يقال له: اليَعْسوب. قال ابن هشام: ومع المشركين مائة فرس.
نزول سورة الأنفال تصف أحداث بدر:
قال ابن إسحاق: فلما انقضى أمر بدر، أنزل الله عز وجل فيه من القرآن الأنفال بأسرها، فكان مما نزل منها في اختلافهم في النفل حين اختلفوا فيه:
{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1] فكان عُبادة بن الصامت -فيما بلغني- إذا سُئل عن الأنفال، قال: فينا معشر أهل بدر نزلت، حين اختلفنا في النفل يوم بدر، فانتزعه الله من أيدينا حين ساءت فيه أخلاقُنا، فردَّه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه. بيننا عن بَوَاء -يقول على السواء- وكان في ذلك تقوى الله وطاعته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وصلاح ذات البين.
ثم ذكر القومَ ومسيرَهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين عرف القومُ أن قريشًا

ص -225-      قد ساروا إليهم، وإنما خرجوا يريدون العير طمعًا في الغنيمة، فقال: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ، يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}: أي كراهية للقاء القوم، وإنكارًا لمسير قريش، حين ذكروا لهم {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}: أي الغنيمة دون الحرب {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 57]: أي بالوقعة التي أوقع بصناديد قريش وقادتهم يوم بدر {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ}: أي لدعائهم حين نظروا إلى كثرة عدوهم، وقلة عددهم {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} بدعاء رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ودعائكم {أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ، إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ}: أي أنزلت عليكم الأمنة حين نمتم لا تخافون {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} للمطر الذي أصابهم تلك الليلة، فحبس المشركين أن يسبقوا إلى الماء، وخلى سبيل المسلمين إليه {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: 11]: أي ليذهب عنكم شك الشيطان، لتخويفه إياهم عدوهم واستجلاد1 الأرض لهم، حتى انتهوا إلى منزلهم الذي سبقوا إليه عدوَّهم.
ثم قال تعالى:
{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا}: أي آزروا الذين امنوا {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 12، 13]، ثم قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ، وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}: أي تحريضًا لهم على عدوهم لئلا ينكلوا عنهم إذا لقوهم، وقد وعدهم الله فيهم ما وعدهم.
ثم قال تعالى، في رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بالحصباء من يده، حين رماهم:
{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}: أي لم يكن ذلك برميتك، لولا الذي جعل الله فيها من نصرك، وما ألقى في صدور عدوك منها حين هزمهم الله {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا} [الأنفال: 17]: أي ليعرف المؤمنين من نعمته عليهم في إظهارهم على عدوهم، وقلة عددهم، ليعرفوا بذلك حقه، ويشكروا بذلك نعمته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الاستجلاد: الشدة.

ص -226-      ثم قال: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}: أي لقول أبي جهل: اللهم أقطعنا للرحمِ، وآتانا بما لا يُعرف، فأحْنه الغَداة. والاستفتاح: الإنصاف في الدعاء.
يقول الله جل ثناؤه:
{وَإِنْ تَنْتَهُوا}: أي لقريش {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ}: أي بمثل الوقعة التي أصبناكم بها يوم بدر: {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 19]: أي أن عددكم وكثرتكم في أنفسكم لن تغنيَ عنكم شيئًا، وأني مع المؤمنين، أنصرهم على من خالفهم.
ثم قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}. أي لا تخالفوا أمره وأنتم تسمعون لقوله، وتزعمون أنكم منه، {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}: أي كالمنافقين الذين يظهرون له الطاعة، ويُسرون له المعصية {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}: أي المنافقين الذين نهيتكم أن تكونوا مثلهم، بُكم عن الخير، صُم عن الحق، لا يعقلون: لا يعرفون ما عليهم في ذلك من النقمة والتَّباعة1 {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ}2، أي لأنفذ لهم الذي قالوا بألسنتهم، ولكن القلوب خالفت ذلك منهم، ولو خرجوا معكم {لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} ما وفوا لكم بشيء مما خرجوا عليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}: أي للحرب التي أعزكم الله بها بعد الذل، وقواكم بها بعد الضعف، ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أى لا تظهروا له من الحق ما يرضى به منكم، ثم تخالفوه في السر إلى غيره، فإن ذلك هلاك لأماناتكم، وخيانة لأنفسكم. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}: أي فصلًا بين الحق والباطل، ليظهر الله به حقكم، ويطفئ به باطل من خالفكم.
ثم ذَكَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمته عليه، حين مكر به القوم ليقتلوه أو يُثبتوه أو يخرجوه
{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}: أي فمكرت بهم بكيدي المتين حتى خلصتك منهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التباعة: طلب الشخص بما ارتكب من المظالم.
2 لم يأت بجزء من الآية وهو
{وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ}.

ص -227-      ما نزل في غرة قريش واستفتاحهم على أنفسهم: ثم ذكر غِرة قريش واستفتاحهم على أنفسهم، إذ قالوا {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} أي ما جاء به محمد {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} كما أمطرتها على قوم لوط {أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 27] أي بعض ما عذبت به الأمم قبلنا، وكانوا يقولون: إن الله لا يعذبنا ونحن نستغفره، ولم يعذب أمة ونبيها معها حتى يخرجه عنها. وذلك من قولهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، يذكر جهالتهم وغرتهم واستفتاحهم على أنفسهم، حين نعى سوء أعمالهم: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] أي لقولهم: إنا نستغفر ومحمد بين أظهرنا، ثم قال {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} وإن كنت بين أظهرهم، وإن كانوا يستغفرون كما يقولون {وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}: أي من آمن بالله وعبده: أي أنت ومن أتبعك، {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} الذين يحرمون حرمته ويقيمون الصلاة عنده: أي أنت ومن آمن بك {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ، وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ} التي يزعمون أنه يدفع بها عنهم {إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} قال ابن هشام: المكاء: الصفير. والتصدية التصفيق. قال عنترة بن عَمرو بن شداد العبْسي:
ولرُبَّ قِرْنٍ قد تركتُ مُجَدَّلًا                    تَمكُو فريصتُهُ كشِدْقِ الأعْلمِ1
يعني: صوت خروج الدم من الطعنة، كأنه الصفير: وهذا البيت في قصيدة له. وقال الطِّرِمَّاح بن حكيم الطائي:
لها كلَّما رِيعت صَداة ورَكْدةَ              بمُصْدَانِ أعلَى ابنَي شَمامِ البَوائنِ2
وهذا البيت في قصيدة له. يعني الأرْوِية، يقول: إذا فزعت قرعت بيدها الصَّفاةَ ثم ركدت -تسمع صدى قرعها بيدها الصَّفاة- مثل التصفيق. والمُضْدان: الحِرْز وابنا شمام جبلان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مجدلا: وقع على الأرض. والفريصة: جزء فى مرجع الكتف. والأعلم مشقوق الشفة العليا، ويريد به الجمل.
2 صداة: تصفير، والركدة: السكون، والمصدان: الجدران، وابنا شمام: هضبتان بجبل شمام، والبوائن: المبتعدة.

ص -228-      قال ابن إسحاق: وذلك ما لا يرضي الله عز وجل ولا يحبه، ولا ما افترض عليهم، ولا ما أمرهم به {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأنفال: 34، 35]: أي لما أوقع بهم يوم بدر من القتل.
قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، عن عائشة قالت: ما كان بين نزول:
{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1]، وقول الله تعالى فيها: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا، إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا، وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} إلا يسير، حتى أصاب الله قريشًا بالوقعة يوم بدر.
قال ابن هشام: الأنكال: القيود واحدها: نِكْل. قال رُؤبة بن العَجَّاج:
يكفيك نِكْلي بغي كلِّ نِكْلِ
وهذا البيت في أرجوزة له.
ما نزل في معاوني أبي سفيان: قال ابن إسحاق: ثم قال الله عز وجل:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} يعني النفر الذين مشوا إلى أبي سفيان، وإلى من كان له مال من قريش في تلك التجارة، فسألوهم أن يُقَووهم بها على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعلوا.
ثم قال
{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا} لحربك {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} أي من قتل منهم يوم بدر.
ما نزل من الأمر بقتال الكفار: ثم قال تعالى:
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}: أي حتى لا يُفتن مؤمن عن دينه، ويكون التوحيد للّه خالصًا ليس له فيه شريك، ويُخلَع ما دونه من الأنداد {فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وَإِنْ تَوَلَّوْا} عن أمرك إلى ما هم عليه من كفرهم {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ} الذي أعزكم ونصركم عليهم يوم بدر في كثرة عددهم وقلة عددكم {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الأنفال: 39، 40].
ثم أعلمهم مَقاسِمَ الفيء وحكمه فيه، حين أحله لهم، فقال
{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنفال: 41] أي يوم فرقت فيه بين الحق والباطل بقدرتى يوم التقى الجمعان منكم ومنهم {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} من الوادي {وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} من الوادي إلى مكة {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}:

ص -229-      أي عير أبي سفيان التي خرجتم لتأخذوها، وخرجوا ليمنعوها عن غير ميعاد منكم ولا منهم {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} أي ولو كان ذلك عن ميعاد منكم ومنهم ثم بلغكم كثرة عددهم، وقلة عددكم ما لقيتموهم {وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} أي ليقضي ما أراد بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله وإذلال الكفر وأهله عن غير بلاء منكم ففعل ما أراد من ذلك بلطفه، ثم قال {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 42] أي ليكفر من كفر بعد الحجة لما رأى من الآية والعبرة، ويؤمن من آمن على مثل ذلك.
ثم ذكر لطفه به وكيده له، ثم قال:
{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الأنفال:43] فكان ما أراك من ذلك نعمه من نعمه عليهم، شجعهم بها على عدوهم، وكف بها عنهم ما تُخوِّف عليهم من ضعفهم، لعلمه بما فيهم. قال ابن هشام: تخوف: مبدلة من كلمة ذكرها ابن إسحاق ولم أذكرها1.{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [الأنفال: 44] أي ليؤلف بينهم على الحرب للنقمة ممن أراد الانتقام منه، والإنعام على من أراد إتمام النعمة عليه من أهل ولايته.
ثم وعظهم وفهمهم وأعلمهم الذي ينبغي لهم أن يسيروا به في حربهم، فقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً} تقاتلونهم في سبيل الله عز وجل {فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} الذي له بذلتم أنفسكم، والوفاء له بما أعطيتموه من بيعتكم {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} أي لا تختلفوا فيتفرق أمركم {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي وتذهب حدتكم {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45، 46] أي أني معكم إذا فعلتم ذلك {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ}: أي لا تكونوا كأبي جهل وأصحابه، الذين قالوا: لا نرجع حتى نأتي بدرًا فننحر به الجُزر ونسقي بها الخمر، وتعزف علينا فيها القيان، وتسمع العرب: أي لا يكون أمركم رياءً، ولا سُمعةً، ولا التماس ما عند الناس، وأخلصوا للّه النية والحِسْبة في نصر دينكم، وموازرة نبيكم، لا تعملوا إلا لذلك ولا تطلبوا غيره.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يقال: إنها تخوفت ولذلك أصلح ابن هشام اللفظ.

ص -230-      ثم قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ}.
قال ابن هشام: وقد مضى تفسير هذه الآية.
قال ابن إسحاق: ثم ذكر الله تعالى أهل الكفر، وما يلقون عند موتهم، ووصفهم بصفتهم وأخبر نبيه صلى الله عليه وسلم عنهم، حتى انتهى إلى أن قال:
{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأنفال: 57] أي فنكِّل بهم من ورائهم لعلهم يعقلون {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} إلى قوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 59] أي لا يضيع لكم عند الله أجره في الآخرة، وعاجل خلفه في الدنيا ثم قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}: أي إن دعوك إلى السلم على الإسلام فصالحهم عليه {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} إن الله كافيك {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
قال ابن هشام: جنحوا للسَّلْم: مالوا إليك للسَّلْم. الجنوح: الميل. قال لَبيد بن ربيعة:
جُنوحُ الهالِكي على يَدَيْه                       مُكِبًّا يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ1
وهذا البيت في قصيدة له والسَّلْم أيضًا: الصلح، وفىِ كتاب الله عز وجل: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}[محمد: 35]، ويقرأ: "إلى السِّلْم"، وهو ذلك المعنى. قال زُهَير بن أبي سُلْمى:
وقد قلتما إن نُدْرِك السّلْمَ واسعًا                 بمالٍ ومعروفٍ من القولِ نَسْلَم
وهذا البيت في قصيدة له.
قال ابن هشام: وبلغني عن الحسن بن أبي الحسن البَصري، أنه كان يقول:
{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ} للإِسلام. وفى كتاب الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}،[البقرة: 208] ويقرأ "في السَّلم" وهو الِإسلام. قال أمية بن أبي الصَّلْت:
فما أنابُوا لسَلْمٍ حين تُنْذِرُهم                   رُسْلُ الإلهِ وما كانوا له عَضُدا
وهذا البيت في قصيدة له. وتقول العرب لدَلْو تُعمل مستطيلة: السَّلْم. قال طَرَفة بن العبد أحد بني قَيْس بن ثَعْلبة، يصف ناقة له:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الهالكي: الحداد والصيقل نسبه إلى أول من عمل الحدادة وهو الهالك بن أسد. ونقب النصال: جرب الحديد.

ص -231-                                  لها مِرْفقانِ أفتلانِ كأنما  تمرُّ بسَلمَي دالجٍ مُتشدد1
وهذا البيت في قصيدة له.{وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} هو من وراء ذلك {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ} بعد الضعف {وَبِالْمُؤْمِنِينَ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} على الهدى الذي بعثك الله به إليهم {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} بدينه الذي جمعهم عليه {إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.[الأنفال: 62، 63].
ثم قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} [الأنفال: 64، 65]: أي لا يقاتلون على نية ولا حق ولا معرفة بخير ولا شَر.
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نَجيح عن عطاء بن أبي رَباح، عن عبد الله بن عباس قال: لما نزلت هذه الآية اشتد على المسلمين، وأعظموا أن يُقاتل عشرون مائتين، ومائة ألفًا، فخفف الله عنهم، فنسختها الآيه الأخرى،
{الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66] قال: فكانوا على الشِّطر من عدوهم لم ينبغ لهم أن يفروا منهم، وإذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم، وجاز لهم أن يتحوزوا عنهم.
قال ابن إسحاق: ثم عاتبه الله تعالى في الأسارى، وأخذ المغانم، ولم يكن أحد قبله من الأنبياء يأكل مغنما من عدو له.
قال ابن إسحاق: حدثني محمد أبو جعفر بن علي بن الحسين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"نصرت بالرعب، وجُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأعطيت جوامعَ الكلم، وأحلت لي الغنائمُ ولم تُحْلَل لنبي كان قبلي، وأعطيت الشفاعة، خمس لم يؤتهن نبي قبلي".
قال ابن إسحاق: فقال:
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ}: أي قبلك {أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} من عدوه {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ}، أي يثخن2 عدوه، حتى ينفيه من الأرض {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}: أي المتاع، الفداء بأخذ الرجال {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}: أي قتلهم لظهور الدين الذي يريد إظهاره، والذي تدرك به الآخرة {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ}: أي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الدالج: الذي لحمل الدلو من البئر إلى الحوض ليفرغها فيه، فهو يمشي متمهلا.
2 الإثخان هنا: التضييق.
ص -232-      من الأسارَى والمغانم، {عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 67، 68]: أي لولا أنه سبق مني أني لا أعذِّب إلا بعد النهي، ولم يك نهاهم، لعذبتكم فيما صنعتم، ثم أحلَّها له ولهم رحمة منه، وعائدة من الرحمن الرحيم، {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: 69] ثم قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: 70]
وحض المسلمين على التواصل، وجعل المهاجرين والأنصار أهل ولاية الدين دون من سواهم، وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض، ثم قال
{إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73] أي إلا يوال المؤمن من دون الكافر، وإن كان ذا رحم به: {تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ} أي شبهة في الحق والباطل، وظهور الفساد في إلأرض بتولي المؤمن الكافر دون المؤمن.
ثم رد المواريث إلى الأرحام ممن أسلم بعد الولاية من المهاجرين والأنصار دونهم إلى الأرحام التي بينهم، فقال:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} أي بالميراث {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 75].
من حضر بدرا من المسلمين:
قال ابن إسحاق: وهذه تسمية من شهد بدرًا من المسلمين، ثم من قريش، ثم من بني هاشم بن عبد مناف وبني المطلب بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب بن مُرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فِهْر بن مالك بن النَّضْر بن كِنانة.
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين، ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وحمزة بن عبد المطلب بن هاشم، أسد الله، وأسد رسوله، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وزَيْد بن حارثة بن شرَحْبيل بن كعب بن عبد العُزَّى بن امرئ القيس الكلبي، أنعم الله عليه ورسوله صلى الله عليه وسلم قال ابن هشام: زيد بن حارثة بن شَراحيل بن كعب بن عبد العُزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد وُدّ بن عَوْف بن كِنانة بن بكر بن عَوْف بن عُذْرة بن زيد الله بن رُفَيْدة بن ثَوْر بن كعب بن وَبْرة.
قال ابن إسحاق: وأنسَة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو كَبْشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن هشام: أنَسة: حَبشي، وأبو كبشة: فارسي.

ص -233-      قال ابن إسحاق: وأبو مَرْثَد كَنَّاز بن حِصْن بن يربوع بنِ عمرو بن يربوع بن خَرَشة بن سعد بن طريف بن جِلاَّنَ بن غنْم بن غَني بن يَعْصر بن سعد بن قَيْس بن عَيْلان.
قال ابن هشام: كَنَّاز بن حُصيْن.
قال ابن إسحاق: وابنه مَرْثد بن أبي مرثد، حليفا حَمزة بن عبد المطلب، وعُبيدة بن الحارث بن المطلب. وأخواه الطّفَيْل بن الحارث، والحُصَيْن بن الحارث ومِسْطَح، واسمه عَوْف بن أثَاثة بن عَبَّاد بن المطلب. اثنا عشر رجلًا.
ومن بني عبد شمس بن عبد مناف: عُثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، تخلف على امرأته رُقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه، قال: وأجْرِي يا رسول الله، قال: "وأجْرُك"، وأبو حذيفة بن ربيعة بن عبد شمس وسالم، مولى أبي حذيفة.
قال ابن هشام: واسم أبي حُذيفة: مِهْشَم.
قال ابن هشام: وسالم، سائبة لثُبَيتة بنت يَغار بن زيد بن عُبيد بن زيد بن مالك بن عَوْف بن عَمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، سيَّبته فانقطع إلى أبي حذيفة فتبناه ويقال: كانت ثُبيتة بنت يَعار تحت أبي حذيفة بن عتبة، فأعتقت سالمًا سائبة، فقيل: سالم مولى أبي حذيفة.
قال ابن إسحاق: وزعموا أن صُبيحًا مولى أبي العاص بن أمية بن عبد شمس تجهز للخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم مرض، فحمل على بعيره أبا سَلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ثم شَهد صُبيح بعد ذلك المشاهد كلها مع رسول صلى الله عليه وسلم.
وشهد بدرًا من حلفاء بني عبد شمس، ثم من بني أسد بن خُزَيمة: عبد الله بن جحش بن رئاب بن يَعْمَر بن صَبْرة بن مُرة بن كبير بن غَنْم بن دُودان بن أسد، وعُكَّاشة بن مِحْصن بن حُرْثان بن قيس بن مرة بن كبير بن غَنْم بن دودان بن أسد وشجاع بن وهب بن ربيعة بن أسد بن صُبَيْب بن مالك بن كَبير بن غَنْم بن دُودان بن أسد، وأخوه عُقبة بن وهب، ويزِيد بن رُقَيْش بن رِئاب بن يَعْمَر بن صَبْرة بن مُرة بن كبير بن غنْم بن دودان بن أسد، وأبو سِنان بن مِحْصَن بن حُرْثان بن قيس، أخو عُكَّاشة بن مِحْصَن، وابنه سِنان بن أبي سِنان ومُحْرِز بن نَضْلة بن عبد الله بنمُرة بن كبير بن غَنْم بن دودان بن أسد، وربيعة بن أكثم بن سَخْبَرة بن عَمرو بن لكَيْز بن عامر بن غَنم بن دودان بن أسد.

ص -234-      ومن حلفاء بني كبير بن غَنْم بن دُودان بن أسد: ثَقْف بن عمرو، وأخواه: مالك بن عمرو ومُدْلج بن عمرو.
قال ابن هشام: مِدْلاج بن عمرو.
قال ابن إسحاق: وهم من بني حجْش، آل بني سُلَيم. وأبو مخشي حليف لهم. ستة عشر رجلًا.
قال ابن هشام: أبو مَخْشِي طائي، واسمه: سُوَيْد بن مَخْشِي.
قال ابن إسحاق: ومن بني نوفل بن عبد مناف: عُتبة بن غَزْوان بن جابر بن وهب بن نسَيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عِكْرمة بن خَصَفَة بن قَيْس بن عَيْلان، وخَبَّاب، مولى عُتبة بن غَزْوان رجلان.
ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي: الزبير بن العوام بن خُوَيلد بن أسَد، وحاطب بن أبي بَلْتعة، وسعد مولى حاطب. ثلاثة نفر.
قال ابن هشام: حاطب بن أبي بَلْتعة، واسم أبي بَلْتعة: عَمرو، لخمي، وسعد مولى حاطب، كلبي.
قال ابن إسحاق: ومن بني عبد الدار بن قصي: مُصْعَب بن عُمَير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، وسُوَيبط بن سعد بن حُرَيْملة بن مالك بن عُمَيْلة بن السَّباق بن عبد الدار بن قصي، رجلان.
ومن بني زهرة بن كلاب: عبد الرحمن بن عَوْف بن عبد عَوْف بن عبد بن الحارث بن زُهرة، وسعد بن أبي وقاص -وأبو وقاص مالك بن أهَيْب بن عبد مناف بن زُهْرة- وأخوه عُمَير بن أبي وقاص.
ومن حلفائهم: المقداد بن عَمْرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن زُهير بن ثَوْر بن ثعلبة بن مالك بن الشَّريد بن هَزْل بن قائش بن دُرَيْم بن القَّيْن بن أهْود بن بَهْراء بن عمرو بن الحاف بن قُضاعة -قال ابن هشام: ويقال: هزل بن فاس بن ذر- ودَهِير بن ثَوْر.
قال ابن إسحاق: وعبد الله بن مسعود بن الحارث بن شَمْخ بن مخزوم بن صَاهِلة بن كَاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هُذَيْل، ومسعود بن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العُزَّى بن حَمَالة بن غالب بن مُحَلِّم بن عائذة بن سُبَيْع بن الهَوْن بن خُزَيمة، من القَارَة.

ص -235-      قال ابن هشام: القَارَة: لقب لهم. ويقال:
قد أنْصَفَ القَارَةَ من رَامَاهَا
وكانوا رُماة.
قال ابن إسحاق: وذو الشمالين بن عبد عَمرو بن نَضلة بن غُبْشان بن سُلَيم بن مَلكان بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر، من خُزاعة.
قال ابن هشام: وإنما قيل له: ذو الشمالين؛ لأنه كان أعسر، واسمه عُمَير. قال ابن إسحاق: وخَبَّاب بن الأرت، ثمانية نفر.
قال ابن هشام: خَبَّاب بن الأرت، من بني تميم، وله عَقِب، وهم بالكوفة، ويقال: خُبَّاب من خُزاعة.
قال ابن إسحاق: ومن بني مخزوم بن يَقَظة بن مُرة: أبو سَلَمة عَتيق بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تَيْم. قال ابن هشام: اسم أبي بكر: عبد الله، وعَتيق: لقب، لحُسن وجهه وعتقه.
قال ابن إسحاق: وبلال، مولى أبي بكر، وبلال مُوَلَّد من مولدي بني جُمَح، اشتراه أبو بكر من أمية بن خلف، وهو بلال ابن رَباح، لا عَقِب له، وعامر بن فهَيْرة.
قال ابن هشام: عامر بن فُهَيرة، مُوَلَّد من مُولدي الأسْد، أسود، اشتراه أبو بكر منهم.
قال ابن إسحاق: وصُهَيْب بن سِنان، من النَّمِر بن قاسط.
قال ابن هشام: النمر بن قاسط بن هِنْب بن أفْصى بن جَديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار ويقال: أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، ويقال: صهيب، مولى. عبد الله بن جُدْعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تَيْم ويقال: إنه رومي. فقال بعض من ذكر أنه من النمر بن قاسط: إنما كان أسيرًا في الروم فاشتُرِيَ منهم، وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"صُهيب سابقُ الروم".
قال ابن إسحاق: وطلحة بن عُبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تَيْم، كان بالشام، فقدم بعد أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر، فكلمه. فضرب له بسهمه فقال: وأجْرِي يا رسول الله؟ قال:
"وأجرك". خمسة نفر.
قال ابن إسحاق: ومن بني مخزوم بن يَقَظة بن مُرة: أبو سَلَمة بن عبد الأسد. واسم

ص -236-      أبى سَلمة: عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عمر بن مخزوم، وشمَّاس بن عثمان بن الشَّريد بن سُوَيْد بن هَرْمي بن عامر بن مخزوم.
قال ابن هشام: واسم شَمَّاس: عثمان، وإنما سُمي شماسًا؛ لأن شَماسًا من الشَّمامِسة قَدِم مكة في الجاهلية، وكان جَميلًا، فعجب، الناس من جماله. فقال عُتبة بن ربيعة وكان خال شماس: ها أنا آتيكم بشماس أحسن منه، فأتى بابن أخته عثمان فسُمي شَماسًا، فيما ذكر، ابن شهاب الزهري وغيره.
قال ابن إسحاق: والأرْقم بن أبي الأرْقم، واسم أبي الأرْقم: عبد مناف بن أسد وكان أسد يُكنى: أبا جُنْدب بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وعمار بن ياسر.
قال ابن هشام: عمار بن ياسر، عَنْسي، من مِذْحَج.
قال ابن إسحاق: ومُعَتِّب بن عَوْف بن عامر بن الفضل بن عَفيف بن كُليب بن حُبْشِيَّة بن سَلُول بن كعب بن عمرو، حليف لهم من خزاعة، وهو الذي يُدْعَى: عَيْهامة. خمسة نفر.
ومن بني عدي بن كعب: عُمر بن الخطاب بن نُفَيْل بن عبد العُزَّى بنِ رباح بن عبد الله بن قُرْط بن رَزَاح بن عَدي، وأخوه زيد بن الخطاب. ومِهْجَع، مولى عمر بن الخطاب، من أهل اليمن، وكان أول قتيل من المسلمين بين الصفَّين يوم بدر، رُمِي بسهم.
قال ابن هشام: مِهْجع، من عَكّ بن عدنان.
قال ابن إسحاق: وعمرو بن سُرَاقة بن المعْتَمِر بن أنَس بن أذاة بن عبد الله بن قُرْط بن رِياح بن رَزاح بن عَدي بن كعب، وأخوه عبد الله بن سُراقة، وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عُمر بن ثعلبة بنِ يَرْبوع بن حَنْظَلة بن مالك بن زَيد مناة بن تميم، حليف لهم، وخوْلي بن أبي خَوْلى، ومالك بن أبي خَوْلى، حليفان لهم. قال ابن هشام: أبو خَوْلي، من بني عجل بن لُجَيْم بن صَعْب بن علي بن بكر بن وائل.
قال ابن إسحاق: وعامر بن ربيعة، حليف آل الخطاب، من عِنْز بن وائل.
قال ابن هشام: عِنْز بن وائل بن قاسط بن هُنْب بن أفْصى بن جَديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، ويقال: أفْصى: بن دُعْمِي بن جديلة.
قال ابن إسحاق: وعامر بن البُكَير بن عبد يَالِيل بن ناشب بن غِيرَة، من بني سعد بن ليْت، وعاقل بن البُكَيْر وخالد بن البُكَيْر، وإياس بن البُكَيْر، حلفاء بني عدي بن كعب، وسعيد بن زيد بن عَمرو بن نُفيل بن عبد العُزَّى بن عبد الله بن قِرْط بنِ رياح بن عدي بن كعب، قدم من الشأم بعد ما قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر، فكلمه، فضرب له رسول

ص -237-      الله صلى الله عليه وسلم بسهمه، قال: وأجري يا رسول الله؟ قال: "وأجرك". أربعة عشر رجلًا.
ومن بني جُمَح بن عَمرو بن هُصَيْص بن كعب: عثمان بن مظعون بن حبيب بن وَهْب بن حُذافة بن جُمَح، وابنه السائب بن عثمان، وأخواه قُدامة بن مَظعون، وعبد الله بن مَظْعون، ومَعْمَر بن حَبيب بن وهْب بن حُذافة بن جُمَح، خمسة نفر.
ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم. رجل.
قال ابن إسحاق: من بني عامر بن لؤي، ثم من بني مالك بن حسل بن عامر: أبو سَبْرة بن أبي رُهْم بن عبد العُزى بن أبي قيس بن عبد وُد بن نصر بن مالك بن حِسْل، وعبد الله بن مَخْرَمة بن عبد العُزى بن قيْس بن عبد وُد بن نصر بن مالك، وعبد الله بن سُهَيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد وُدّ بن نصر بن مالك بن حِسْل -كان خرج مع أبيه سهيل بن عمرو، فلما نزل الناس بدرًا فر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهدها معه- وعُمَيْر بن عَوْف، مولى سُهَيل بن عمرو، وسعد بن خَوْلة، حليف لهم. خمسة نفر.
قال ابن هشام: سعد بن خَوْلة من اليمن.
قال ابن إسحاق: ومن بني الحارث بن فِهْر: أبو عُبيدة بن الجراح، وهو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهَيْب بن ضَبَّة بن الحارث، وعمرو بن الحارث بن زُهَير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن أهَيْب بن ضَبَّة بن الحارث، وسُهَيْل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أبي أهَيْب بن ضَبَّة بن الحارث، وأخوه صفوان بن وَهْب، وهما ابنا بيضاء وعَمرو بن أبي سَرْح بن ربيعة بن هلال بن أهَيْب بن ضَبَّة بن الحارث. خمسة نفر.
فجميع من شهد بدرًا من المهاجرين، ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، ثلاثة وثمانون رجلًا.
قال ابن هشام: كثير من أهل العلم، غير ابن إسحاق، يذكرون في المهاجرين ببدر، في بني عامر بن لؤي: وهب بن سعد بن أبي سَرْح، وحاطب بن عمرو. وفي بني الحارث بن فهر: عياض بن زهير.
قال ابن إسحاق: وشهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين، ثم من

ص -238-      الأنصار، ثم من الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر، ثم من بني عبد الأشهل بن جُشَم بن الحارث بن الخزرج بن عَمرو بن مالك بن الأوس: سعد بن مُعاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشْهل وعَمرو بن مُعاذ بن النعمان، والحارث بن أوْس بن معاذ بن النعمان، والحارث بن أنس بن رافع بن امرئ القيس.
ومن بني عُبَيْد بن كعب بن عبد الأشهل: سعد بن زيد بن مالك بن عُبَيْد. ومن بني زَعُورا بن عبد الأشهل -قال ابن هشام: ويقال: زُعُورا- سَلَمة بن سلامة بن وَقَش بن زُغبة، وعَبَّاد بن بِشر بن وَقَش بن زغبة بن زعورا، وسَلَمة بن ثابت بنِ وَقَش، ورافع بن يزيد بن كُرْز بن سَكَن بن زَعُورا، والحارث بن خزمة بن عدي بن أبي بن غَنْم بن سالم بن عَوْف بن عمرو بن عوف بن الخزرج حليف لهم من بني عَوْف بن الخزرج، ومحمد بن مَسْلمة بن خالد بن عدي بن مَجْدَعة بن حارثة بن الحارث حليف لهم من بني حارثة بن الحارث، وسَلَمة بن أسْلم بن حَريش بن عدي بن مَجْدَعة بن حارثة بن الحارث، حليف لهم من بني حارثة بن الحارث.
قال ابن هشام: أسلم: بن حُرَيْس بن عَدِي قال ابن إسحاق: وأبو الهَيْثَم بن التَّيهان، وعُبيد بن التَّيهان.
قال ابن هشام: ويقال: عتيك بن التَّيهان.
قال ابن إسحاق: وعبد الله بن سَهْل. خمسة عشر رجلًا.
قال ابن هشام: عبد الله بن سهل: أخو بني زَعُورا، ويقال: غَسَّان.
قال ابن إسحاق: ومن بني ظَفَر، ثم من بني سَوَاد بن كعب، وكعب: هو ظَفَر. قال ابن هشام: ظفر: بن الخزرج بن عَمرو بن مالك بن الأوْس: قَتَادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سوَاد، وعُبَيْد بن أوْس بن مالك بن سَوَاد. رجلان. قال ابن هشام: عُبَيْد بن أوْس الذي يقال له: مُقَرِّن؛ لأنه قَرَن أربعةَ أسرى في يوم بدر. وهو الذي أسر عَقيل بن أبي طالب يومئذ.
قال ابن إسحاق: ومن بني عبد بن رِزَاح بن كعب: نصر بن الحارث بن عَبْد، ومُعَتِّب بن عبد.
ومن حلفائهم، من بَلِيٍّ: عبد الله بن طارق، ثلاثة نفر.

ص -239-      ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس: مسعود بن سعد بن عامر بن عَدي بن جُشَم بن مَجْدعة بن حارثة.
قال ابن هشام: ويقال: مسعود بن عبد سعد.
قال ابن إسحاق: وأبو عَبْس بن جَبْر بن عمرو بن زيد بن جُشَم بن مَجْدعة بن حارثة.
ومن حلفائهم، ثم من بلي: أبو بُرْدَة بن نِيَار، واِسمه: هَانئ بن نيَار بن عمرو بن عُبَيْد بن كلاب بن دُهَمان بن غنْم بن ذُبْيان بن هُمَيْم بن كاهل بن ذُهْل بن هَني بن بَلي بن عمرو بن الحاف بن قُضاعة. ثلاثة نفر.
قال ابن إسحاق: ومن بني عَمْرو بن عَوْف بن مالك بن الأوْس، ثم من بني ضُبَيْعة بن زيد بن مالك بن عَوْف بن عمرو بن عَوْف: عاصم بن ثابت بن قَيْس. وقيس أبو الأقْلح بن عِصْمة بن مالك بن أمَة بن ضُبَيْعة ومُعَتِّب بن قُشَير بن مُلَيْل بن زيد بن العَطَّافِ بن ضُبَيْعة، وأبو مُلَيْل بن الأزْعَر بن زيد بن العَطَّاف بن ضُبَيعة وعَمرو بن مَعْبد بن الأزْعَر بن زيد بن العطاف بن ضُبَيْعة.
قال ابن هشام: عُمَير بن مَعْبد.
قال ابن إسحاق: وسهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث بن عمرو، وعمرو الذي يقال له: بَحْزَج بن حَنَس بن عوف بن عمرو بن عوف. خمسة نفر.
ومن بني أمية بن زيد بن مالك: مُبَشِّر بن عبد المنذر بن زَنْبر بن زيد بن أمية، ورفاعة بن عبد المنذر بن زَنْبر، وسعد بن عُبَيْد بن النعمان بن قَيْس بن عمرو بن زيد بن امية. وعُوَيْم بن ساعدة، ورافع ابن عُنْجدة -وعُنْجدة أمه، فيما قال ابن هشام- وعُبَيْد بن أبي عُبَيْد، وثعلبة بن حَاطب.
وزعموا أن أبا لُبابة بن عبد المنذر: والحارث بن حاطب خرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعهما، وأمَّر أبا لبابة على المدينة، فضرب لهما بسهمين مع أصحاب بدر. تسعة نفر.
قال ابن هشام: ردهما: من الرَّوْحاء.
قال ابن هشام: وحاطب بن عمرو بن عُبَيْد بن أمية واسم أبي لبابة: بَشير.

ص -240-      قال ابن إسحاق: ومن بني عُبيد بن زيد بن مالك: أنَيْس بن قَتَادة بن ربيعة بن خالد بن الحارث بن عُبيد.
ومن حلفائهم من بَلِيٍّ: مَعْن بن عدي بن الجدّ بن العَجْلان بن ضُبَيْعة، ثابت بن أقْرَم بن ثعلبة بن عدي بن العَجْلان، وعبد الله بن سَلَمة بن مالك بن الحارث بن عدي بن العَجْلان، وزيد بن أسلم بن ثعلبة بن عدي بن العَجْلان ورَبْعي بن رافع بن زيد بن حارثة بن الجَدِّ بن العجلان. وخرج عاصم بن عدي بن الجَد بن العَجْلان، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضرب له بسهمه مع أصحاب بدر1. سبعة نفر.
ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف: عبد الله بن جُبَيْر بن النعمان بن أمية بن البُرك -واسم البُرك: امرؤ القيس بن ثَعلبة- وعاصم بن قيس.
قال ابن هشام: عاصم بن قيس: ابن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة.
قال ابن إسحاق: وأبو ضَيَّاح بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة، وأبو حَنَّة.
قال ابن هشام: وهو أخو أبي ضَيَّاح، ويقال: أبو حَبَّة. ويقال لامرئ القيس: البُرك بن ثعلبة.
قال ابن إسحاق: وسالم بن عُمير بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة.
قال ابن هشام: ويقال: ثابت: بن عمرو بن ثعلبة.
قال ابن إسحاق: والحارث بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة، وخَوَّات بن جُبَيْر بن النعمان، ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم مع أصحاب بدر. سبعة نفر.
ومن بني جَحْجَبِي بن كُلْفة بن عوف بن عَمرو بن عوف: مُنْذِر بن محمد بن عُقْبة بن أحَيْحَة بن الجلاح بن الحَريش بن جَحْجَبِي بن كلفة.
قال ابن هشام: ويقال: الحَريس بن جَحْجَبي.
قال ابن إسحاق: ومن حلفائهم من بني أنَيْف: أبو عَقيل بن عبد الله بن ثَعْلبة بن بَيْحان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ورده لأنه بلغه شيء عن أهل مسجد الضرار وكان قد استخلفه على قباء والعالية فرده لنظر في ذلك.

ص -241-      بن عامر بن الحارث بن مالك بن عامر بن أنيْف بن جُشَم بن عبد الله بن تَيْم بن إرَاش بن عامر بن عُمَيْلة بن قَسْمِيل بن فَرَان بن بَلِي بن عمرو بن الحَاف بن قُضاعة. رجلان.
قال ابن هشام: ويقال تَميم بن إرَاشة، وقِسْميل بن فَارَان.
قال ابن إسحاق: ومن بني غنْم بن السَّلْم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوْس: سعد بن خيْثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحَّاط بن كعب بن حارثة بن غَتم، ومُنذر بن قُدامة بن عَرفجة ومالك بن قُدامة بن عَرْفجة.
قال ابن هشام: عرفجة: ابنُ كعب بن النحاط بن كَعب بن حارثة بن غَنْم.
قال ابن إسحاق: والحارث بن عَرْفجة، وتميم، مولى بني غَنْم. خمسة نفر.
قال ابن هشام: تميم: مولى سعد بن خيثمة.
قال ابن إسحاق: ومن بني معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف: جَبْر بن عَتيك بن الحارث بن قيس.بن هَيْشة بن الحارث بن أمية بن معاوية، ومالك بن نُميلة، حليف لهم من مزينة، والنعمان بن عَصَر، حليف لهم من بَلِي: ثلاثة نفر.
فجميع من شهد بدرًا من الأوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ضرب له بسهمه وأجره، أحدٌ وستون رجلًا.
قال ابن إسحاق: وشهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين، ثم من الأنصار ثم من الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عَمرو بن عامر، ثم من بني الحارث بن الخزرج، ثم من بني امرئ القيس بن مالك بن ثَعْلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج: خارجة بن زَيْد بن أبي زُهَير بن مالك بن امرئ القيس، وسعد بن رَبيع بن عمرو بن أبي زُهير بن مالك بن امرئ القيس، وعبد الله بن رَوَاحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس، وخَلاَّد بن سُوَيْد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس. أربعة نفر.
ومن بني زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج: بَشير بن سعد بن ثعلبة بن خِلاس بن زيد -قال ابن هشام: ويقال: جُلاس، وهو عندنا خطأ- وأخوه سِماك بن سعد. رجلان.
ومن بني عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج: سُبيع بن قيس بن عَيْشة بن أمية بن مالك بن عامر بن عدي، وعَبَّاد بن قيس بن عَيْشة، أخوه.

ص -242-      قال ابن هشام: ويقال: قيس: بن عَبَسة بن أمية.
قال ابن إسحاق: وعبد الله بن عَبْس، ثلاثة نفر.
ومن بني أحمر بن حارثة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج: يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك بن أحمر، وهو الذي يُقال له: ابن فُسْحُم. رجل.
قال ابن هشام: فُسْحُم أمه، وهي امرأة من القَيْن بن جَسْر.
قال ابن إسحاق: ومن بني جُشم بن الحارث بن الخزرج، وزيد بن الحارث بن الخزرج، وهما التوءم: خُبَيْب بن إساف بن عِتَبة بن عَمرو بن خَديج بن عامر بن جُشَم، وعبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد رَبِّه بن زيد، وأخوه حُرَيْث بن زيد بن ثعلبة، زعموا، وسُفيان بن بشر. أربعة نفر.
قال ابن هشام: سفيان بن نَسْر بن عمرو بن الحارث بن كعب بن زيد.
قال ابن إسحاق: ومن بني جِدَارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج: تميم بن يعار بن قيس بن عدي بن أمية بن جِدارة، وعبد الله بن عُمير من بني حارثة.
قال ابن هشام: ويقال: عبد الله بن عُمير بن عدي بن أمية بن جِدَارة.
قال ابن إسحاق: وزيد بن المزَيَّن بن قيس بن عدي بن أمية بن جِدَارة.
قال ابن هشام: زيد بن المُريِّ.
قال ابن إسحاق: وعبد الله بن عُرْفطة بن عدي بن أمية بن جدارة، أربعة نفر.
ومن بني الأبْجَر، وهم بنو خُدْرة، بن عوف بن الحارث بن الخزرج: عبد الله بن ربيع بن قيس بن عَمرو بن عباد بن الأبْجر، رجل. ومن بني عوف بن الخزرج، ثم من بني عبيد بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف بنِ الخزرج وهو بنو الحُبلى -قال ابن هشام: الحُبلى: سالم بن غنْم بن عوف، وإنما سُمي الحُبلى، لعظم بطنه- عبد الله بن عبد الله بن أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد المشهور بابن سلول، وإنما سلول امرأة، وهي أم أبيّ: وأوْس بن خَوْلي بن عبد الله بن الحارث بن عبيد. رجلان.
ومن بني جَزْء بن عدي بن مالك بن سالم بن غَنْم: زيد بن وديعة بن عمرو بن قَيْس بن جَزْء، وعقبة بن وهب بن كَلَدَة، حليف لهم من بني عبد الله بن غطفان، ورفاعة بن عُمر بن زيد

ص -243-      بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم بن غَنْم، وعامر بن سَلَمة بن عامر، حليف لهم من أهل اليمن. قال ابن هشام: ويقال: عَمْرو بن سَلَمة وهو من بَلِيٍّ، من قُضاعة.
قال ابن إسحاق: وأبو حُمَيْضة مَعبد بن عَبَّاد بن قُشَيْر بن المقَدَّم بن سالم بن غَنْم.
قال ابن هشام: مَعْبد بن عبادة بن قَشْغَر بن المقدَّم، ويقال: عُبادة بن قَيْس بن المقَدَّم.
قال ابن إسحاق: وعامر بن البُكَيْر، حليف لهم، ستة.نفر.
قال ابن هشام: عامر بن العُكَيْر، ويقال: عاصم بن البُكَيْر.
قال ابن إسحاق: ومن بني سالمِ بن عَوْف بن عمرو بن الخَزْرج، ثم من بني العَجْلان بن زيد بن غنْم بن سالم: نَوْفل بن عبد الله ابن نَضْلة بن مالك بن العَجلان. رجل.
ومن بني أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف -قال ابن هشام: هذا غنم بن عوف، أخو سالم بن عَوْف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، وغنم بن سالم، الذي قبله على ما قال ابن إسحاق- عُبادة بن الصامت بن قَيْس بن أصرم، وأخوه أوْس بن الصامت، رجلان.
ومن بني دَعْد بن فِهر بن ثعلبة بن غَنْم: النعمان بن مالك بن ثعلبة بن دَعْد، والنعمان الذي يقال له. قَوْقل. رجل.
ومن بني قُرْيوش بن غَنْم بنِ أمية بن لَوْذان بن سالم -قال ابن هشام: ويقال قرْيوس بن غنْم- ثابت بن هَزّال بن عمرو بن قُرْيوش، ر جل.
ومن بني مَرْضَخة بن غَنْم بن سالم: مالك بن الدُّخْشم بن مَرْضَخة، رجل.
قال ابن هشام: مالك بن الدُّخشم: بن مالك بن الدخشم بن مَرْضَخة.
قال ابن إسحاق: ومن بني لَوْذان بن سالم: ربيع بن إياس بن عَمْرو بن غَنْم بن أمية بن لَوْذان، وأخوه ورقة بن إياس، وعمرو بن إياس حليف لهم من أهل اليمن، ثلاثة نفر.
قال ابن هشام: ويقال: عمرو بن إياس، أخو ربيعة وورقة.
قال ابن إسحاق: ومن حلفائهم من بَلي، ثم من بني غُصَيْنة -قال ابن هشام: غُصَينة: أمهم، وأبوهم عمرو بن عمارة- المجذَّرَ بن ذياد بن عمرو بن زُمْزمة بن عمر بن عمارة بن مالك بن غُصَيْنة بن عمرو بن بُتَيرة بن مَشْنُوّ بن قَسْر بن تَيْم بن إرَاش بن عامر بن عُمَيلة بن قِسْمِيل بِن فَرَان بن بليّ بن عَمرو بن الحَاف بن قُضاعة.

ص -244-      قال ابن هشام: ويقال: قَسْر بن تميم بن إرَاشة، وقِسْميل بن فَارَان. واسم المجذّر عبد الله.
قال ابن إسحاق: وعُبادة بن الخَشْخاش بن عمرو بن زُمْزُمَة، ونَحَّاب بن ثَعلبة بن حَزمة بن أصْرم بن عمرو بن عمارة.
قال ابن هشام: ويقال بحَّاث بن ثعلبة.
قال ابن إسحاق: وعبد الله بن ثعلبة بن حَزَمة بن أصرم. وزعموا أن عُتبة بن ربيعة بن خالد بن معاوية -حليف لهم- من بهراء، قد شهد بدرًا، خمسة نفر.
قال ابن هشام: عتبة بن بَهْز، من بني سليم.
قال ابن إسحاق: ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرجِ، ثم من بني ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة: أبو دُجانة، سَمَّاك بن خرَشة. قال ابن هشام: أبو دجانة: سِماك بن أوس بن خَرَشة بن لَوْذان بن عبد وُدّ بن زيد بن ثعلبة.
قال ابن إسحاق: والمنذِر بن عمرو بن خُنَيْس بن حارثة بن لَوْذان بن عبد وُدّ بن زيد بن ثعلبة. رجلان.
قال ابن هشام: ويقال: المنذر: ابن عمرو بن خَنْبَش. قال ابن إسحاق: ومن بني البَدِيِّ بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة: أبو أسَيد مالك بن ربيعة بن البَدِي، ومالك بن مسعود وهو إلى البَدِي. رجلان.
قال ابن هشام: مالك بن مسعود: ابن البَدِي، فيما ذكر لي بعض أهل العلم.
قال ابن إسحاق: ومن بني طَريف بن الخزرج بن ساعدة: عبدُ رَبِّهِ بن حَقِّ بن أوْس بن وَقش بن ثعلبة بن طريف. رجل.
ومن حلفائهم، من جُهينة: كعبُ بن حِمار بن ثعلبة.
قال ابن هشام: ويقال: كعب: ابن جَمَّاز، وهو من غُبْشَان.
قال ابن إسحاق: وضَمْرة وزياد وبَسْبس، بنو عمرو.
قال ابن هشام: ضَمْرة وزياد، ابنا بِشْر.
قال ابن إسحاق: وعبد الله بن عامر، بن بَلِى. خمسة نفر.

ص -245-      ومن بني جُشَم بن الخزرج، ثم من بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج، ثم من بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة: خراش بن الصِّمَّة بن عمرو بن الجَموح بن زيد بن حرام، والحُبَاب بن المنذِر بن الجموح بن زَيْد بن حرام وعُمَير بن الحُمام بن الجموح بن زيد بن حرام وتميم مولى خراش بن الصِّمَّة، وعبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام، ومعُاذ بن عمرو بن الجَموح ومُعوذ بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام، وخَلاَّد بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام وعُقبة بن عامر بن نابى بن زيد بن حرام، وحبيب بن أسْوَد، مولى لهم، وثابت بن ثَعْلبة بن زيد بن الحارث بن حرام. اثنا عشر رجلًا.
قال ابن هشام: وكل ما كان ههنا الجَموح، فهو الجَموح بن زيد بن حرام، إلا ما كان من جد الصِّمَّة بن عمرو، فإنه الجموح بن حرام.
قال ابن هشام: عُمَير بن الحارث: ابن لَبْدَة بن ثعلبة.
قال ابن إسحاق: ومن بني عُبَيْد بن عَدي بن غَنْم بن كعب بن سَلِمة، ثم من بني خنساء بن سنان بن عبيد: بِشر بن البَرَّاء بن مَعْرُور بن صخر بن مالك بن خَنْساء، والطُّفَيْل بن مالك بن خنساء، والطُّفيل بن النعمان بن خنساء، وسنان بن صَيْفي بن صَخر بن خَنْساء، وعبد الله بن الجَدِّ بن قيس بن صخر بن خنساء، وعُتبة بن عبد الله بن صخر بن خنساء، وجَبَّار بن صخر بن أمية بن خنساء، وخارجة بن حُمَيِّر، وعبد الله بن حُمَيِّر، حليفان لهم من أشجع، من بني دُهْمان. تسعة نفر.
قال ابن هشام: ويقال: جَبَّار: بن صَخْر بن أمية بن خُنَاس. قال ابن إسحاق: ومن بني خُنَاس بن سِنان بن عُبيد: يزيد بن المنذِر بن سَرْح بن خُنَاس، ومِعْقل بن المنذر بن سرح بن خُناس، وعبد الله بن النعمان بن بَلْدُمَة.
قال ابن هشام: ويقال: بُلْذُمَة وبُلْدُمَة.
قال ابن إسحاق: والضَّحَّاك بن حارثة بن زيد بن ثَعْلبة بن عُبَيْد بن عَدِي، وسَوَاد بن زُرَيق بن ثعلبة بن عُبَيْد بن عدي.
قال ابن هشام: ويقال: سَوَاد: بن رِزْن بن زيد بن ثعلبة.
قال ابن إسحاق: ومَعْبد بن قَيْس بن صخر بن حَرام بن ربيعة بن عَدي بن غَنْم بن كعب بن سَلِمة. ويقال: معبد بن قَيْس: ابن صَيْفي بن صخْر بن حرام بن ربيعة، فيما قال ابن هشام.
قال ابن إسحاق: وعبدُ الله بن قَيْس بن صَخْر بن حَرام بن ربيعة بن عدي بن غَنْم. سبعة نفر.
ومن بني النعمان بن سنان بن عُبيد: عبدُ الله بن عبد مناف بن النعمان، وجابر بن عبد الله

ص -246-      بن رِئاب بن النعمان، وخُلَيْدة بن قَيْس بن النعمان. والنُّعمان بن سِنان، مولى لهم. أربعة نفر. ومن بني سَوَاد بن غَنْم بن كَعْب بن سلمة، ثم من بني حَديدة بن عمرو بن غَنْم بن سواد -قال ابن هشام: عمرو بن سواد، ليس لسَوَاد ابن يقال له غنم-: أبو المنذر، وهو يزيد بن عامر بن حَديدة، وسُلَيم بن عمرو بن حديدة وقُطبة بن عامر بن حديدة وعنترة مولى سُلَيم بن عمرو. أربعة نفر.
قال ابن هشام: عنترة، من بني سُلَيم بن منصور، ثم من بني ذَكْوان.
قال ابن إسحاق: ومن بني عدي بن نابي بن عَمرو بن سَوَاد بن غَنْم: عَبْس بن عامر بن عدي، وثعلبة بن غَنَمة بنِ عدي، وأبو اليَسَر، وهو كعب بن عمرو بن عَبَّاد بن عمرو بن غنْم بن سواد، وسَهْل بن قَيْس بن أبي بن كعب بن القَيْن بن كعب بن سَوَاد، وعمرو بن طَلْق ببن زيد بن أمية بن سنان بن كعب بن غَنْم، ومُعاذ بن جبل بن عمرو بن أوْس بن عائذ بن عَدي بن كعب بن عدي بن أدي بن سعد بن علي بن أسَد بن سارِدة بن تَزيد بن جُشَم بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عَمرو بن عامر. ستة نفر.
قال ابن هشام: أوْس: ابن عبَّاد بن عدي بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد.
قال ابن هشام: وإنما نَسب ابن إسحاق معاذ بن جبل في بني سَوَاد، وليس منهم؛ لأنه فيهم.
قال ابن إسحاق: والذين كسروا آلهة بني سَلمة: مُعاذ بن جبل، وعبد الله بن أنيس وثعلبة بن غَنمة وهم في بني سواد بن غَنْم.
قال ابن إسحاق: ومن بني زُرَيق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جُشَم بن الخزرج، ثم من بني مُخَلَّد بن عامر بن زريق -قال ابن هشام: ويقال: عامر: ابن الأزْرق- قَيْس بن محصن بن خالد بن مخلد.
قال ابن هشام: ويقال: قيس: ابن حصن.
قال ابن إسحاق: وأبو خالد وهو الحارث بن قَيْس بن خالد بن مُخَلَّد، وجُبَير بن إياس بن خالد بن مُخَلَّد، وأبو عُبادة، وهو سعد بن عثمان بن خَلَدَة بن مُخَلَّد، وأخوه عقبة بن عثمان بن خَلَدة بن مُخلَّد، وذَكْوان بن عبد قيس بن خَلَدة بن مُخَلَّد ومسعود بن عامر بن خَلَدة بن مُخَلَّد. سبعة نفر.
ومن بني خالد بن عامر بن زُرَيق: عَبَّاد بن قيس بن عامر بن خالد. رجل.
ومن بني خالد بن عامر بن زُرَيق: أسعد بن يزيد بن الفاكِه بن زيد بن خَلَدة، والفاكِه بن بِشر بن الفاكه بن زيد بن خَلَدة.

ص -247-      قال ابن هشام: بُسْر بن الفاكه.
قال ابن إسحاق: ومُعاذ بن ماعِص بن قَيْس بن خَلَدة، وأخوه: عائذ بن ماعِص بن قيس بن خَلَدة، ومسعود بن سعد بن قيس بن خَلَدة. خمسة نفر.
ومن بني العجلان بن عمرو بن عامر بن زُرَيق: رفاعة بن العجلان وأخوه خَلاد بن رافع بن مالك بن العَجْلان، وعُبيد بن زيد بن عامر بن العَجلان. ثلاثة نفر.
ومن بني بَياضة بن عامر بن زُرَيق: زياد بنِ لَبيد بن ثعلبة بن سِنان بن عامر بن عدي بن أميَّة بن بَياضة، وفرْوة بن عمرو بن وَذْفة بن عبيد بن عامر بن بياضة.
قال ابن هشام: ويقال: وَدْفَة.
قال ابن إسحاق: وخالد بن قَيْس بن مالك بن العَجْلان بن عامر بن بَياضة ورُجَيْلة بن ثعلبة بن خالد بن ثَعْلبة بن عامر بن بَياضة.
قال ابن هشام: ويقال: رُخَيْلة.
قال ابن إسحاق: وعَطية بن نُوَيْرة بن عامر بن عطية بن بَياضة، وخليفة بن عدي بن عمرو بن مالك بن عامر بن فُهَيْرة بن بياضة. ستة نفر. قال ابن هشام: ويقال: عُلَيفة.
قال ابن إسحاق: ومن بني حَبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جُشَم بن الخزرج: رافع بن المعَلَّى بن لَوْذان بن حارثة بن عدي بن زيد بن ثعلبة بن زيد مناة بن حبيب رجل.
قال ابن إسحاق: ومن بني النجار، وهو تَيْم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، ثم من بني غَنْم بن مالك بن النجار، ثم من بني ثعلبة بن عبد عوف بن غنم: أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة. رجل.
ومن بني عُسَيْرة بن عبد عَوْف بن غَنْم: ثابت بن خالد بن النعمان بن خنساء بن عسيرة. رجل. قال ابن هشام: ويقال: عُسَيْر، وعُشَيْرة.
قال ابن إسحاق: ومن بني عمرو بن عَوْف بن غَنْم: عُمارة بن حَزْم بنِ زيد بن لَوْذان بن عَمرو، وسُراقة بن كعب بن عبد العُزى بن غزِيَّة بن عمرو. رجلان.

ص -248-      ومن بني عُبَيْد بن ثعلبة بن غَنْم: حارثة بن النعمان بن زيد بن عُبَيْد، وسُلَيم بن قيس بن قَهْد: واسم قَهْد: خالد بن قَيس بن عُبيد. رجلان.
قال ابن هشام: حارثة بن النعمان: ابن نَفْع بن زيد.
قال ابن إسحاق: ومن بني عائذ بن ثعلبة بن غنم -ويقال عابد فيما قال ابن هشام-: سُهَيْل بن رافع بن أبي عمرو بن عَائذ، وعَدِي بن الزَّغْباء، حليف لهم من جُهَينة. رجلان.
ومن بني زيد بن ثَعلبة بن غَنْم: مسعود بن أوْس بن زيد، وأبو خُزَيْمة بن أوس بن زيد بن أصْرَم بن زيد، ورافع بن الحارث بن سَوَاد بن زيد. ثلانة نفر.
ومن بني سَوَاد بن مالك بن غنم: عَوْف، ومُعَوّذ، ومُعاذ، بنو الحارث بن رفاعة بن سَوَاد، وهم بنو عَفْراء.
قال ابن هشام: عفراء بنت عُبيد بن ثَعْلبة بن غَنْم بن مالك بن النجار، ويقال: رِفاعة: بن الحارث بن سواد.
قال ابن إسحاق: والنعمان بن عمرو بن رِفاعة بن سَوَاد، ويقال: نُعَيْمان فيما قال ابن هشام.
قال ابن إسحاق: وعامر بن مُخلد بن الحارث بن سَوَاد، وعبد الله بن قَيْس بن خالد بن خَلَّدة بن الحارث بن سَوَاد، وعُصَيْمة، حليف لهم من أشْجَع، ووَديعة بن عَمرو، حليف من جُهَينة، وثابت بن عَمْرو بن زيد بن عَدِي بن سَوَاد. وزعموا أن أبا الحمراء، مولى الحارث بن عفراء، قد شهد بدرًا. عشرة نفر.
قال ابن هشام: أبو الحمراء، مولى الحارث بن رفاعة.
قال ابن إسحاق: ومن بني عامر بن مالك بن النجار -وعامر: مبذول- ثم من بني عَتيك بن عمرو بن مَبْذول: ثعلبة بن عمرو بن مِحْصَن بن عَمرو بن عَتيك، وسَهْل بن عتيك بن عمرو بن النعمان بن عَتيك، والحارث بن الصِّمَّة بن عمرو بن عَتيك، كُسر به بالروحاء فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه. ثلاثة نفر.
ومن بني عَمرو بن مالك بن النجار -وهم بنو حُدَيْلة- ثم من بني قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار.
قال ابن هشام: حُدَيلة بنت مالك بن زيد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غَضْب بن جُشَم بن الخزرج، وهي أم معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، فبنو معاوية ينتسبون إليها.

ص -249-      قال ابن إسحاق: أبي بن كعب بن قَيْس، وأنس بن معُاذ بن أنس بن قيس. رجلان. ومن بني عَدي بن عمرو بن مالك بن النجار.
قال ابن هشام: وهم بنو مَغَالة بنت عوف بن عبد مَناة بن عمرو بن مالك بن كنانة بن خُزَيمة، ويقال: إنها من بني زُرَيْق، وهي أم عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، فبنو عدي ينسبون إليها
أوْسُ بن ثابت بن المُنذر بن حَرام بن عمرو بن زيد مَناة بن عَدي، وأبو شيخ أبي بن ثابت بن المنذِر بن حرام بن عمرو بن زيد مَناة بن عدي.
قال ابن هشام: أبو شيخ بن أبَيُّ بن ثابت، أخو حسان بن ثابت. قال ابن إسحاق: وأبو طلحة، وهو زيد بن سَهْل بن الأسود بن حَرام بن عَمرو بن زيد بن عدي. ثلاثة نفر.
ومن بني عدي بن النجار، ثم من بني عدي بن عامر بن غنم بن النجار: حارثة بن سُراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر، وعُمرو بن ثعلبة بن وَهْب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر وهو أبو حَكيم، وسَليط بن قَيْس بن عمرو بن عتيك بن مالك بن عدي بن عامر، وأبو سَليط، وهو أسَيْرة بن عمرو، وعمرو أبو خارجة بن قَيْس بن مالك بن عدي بن عامر، وثابت بن خَنساء بن عمرو بن مالك بن عدي بن عامر، وعامر بن أمية بن زيد بن الحَسْحَاس بن مالك بن عَدي بن عامر، ومُحْرِز بن عامر بن مالك بن عدي بن عامر، وسَوَاد بن غَزِيّة بن أهَيْب، حليف لهم من بَلِي. ثمانية نفر.
قال ابن هشام: ويقال: سَوَّاد.
قال ابن إسحاق: ومن بني حَرَام بن خنْدب بن عامر بن غَنْم بن عَدي بن النجار: أبو زيد قَيْس بن سَكَن بن قَيْس بن زَعُوراء بن حرام، وأبو الأعْور بن الحارث بن ظالم بن عَبْس بن حرام.
قال ابن هشام: ويقال: أبو الأعور: الحارث بن ظالم.
قال ابن إسحاق: وسُلَيْم بن مِلْحان، وحرام بن مِلْحان -واسم ملحان: مالك بن خالد بن زيد بن حرام. أربعة نفر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Share to:

معجبين برنامج تحفيظ القران الكريم على الفايسبوك